تُسْمَعُ إِذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَسْتَرِقُّهُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُفْهِمُكَ أَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ إِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ. وَلَوْ جَاءَ عَبْدَانِ لِرَجُلٍ، فَقَالَا: إِنَّ سَيِّدَنَا أَعْتَقَ أَحَدَنَا، وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِمَا يَقُولَانِ، سُمِعَتْ، وَإِنْ كَانَتِ الدَّعْوَى فَاسِدَةً؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعِتْقِ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ تَقَدَّمَ الدَّعْوَى.
فَصْلٌ
شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ إِنْ لَمْ يَعْقِلِ الْإِشَارَةَ مَرْدُودَةٌ، وَكَذَا إِنْ عَقِلَهَا عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، فَعَلَى هَذَا يُعْتَبَرُ فِي الشَّاهِدِ سِوَى الشُّرُوطِ السِّتَّةِ كَوْنُهُ نَاطِقًا، وَذَكَرَ الصَّيْمَرِيُّ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، زَادَ شَرْطٌ ثَامِنٌ.
فِي أُمُورٍ لَا تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ. وَفِيهَا خِلَافٌ لِبَعْضِ الْعُلَمَاءِ. مِنْهَا شَهَادَةُ الْبَدَوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ وَعَكْسُهُ مَقْبُولَةٌ، وَكَذَا شَهَادَةُ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مَقْبُولَةٌ فِي جِنْسٍ مَا حُدَّ وَفِي غَيْرِهِ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَى، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا.
فِي التَّوْبَةِ. قَدْ سَبَقَ أَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمَعْصِيَةٍ تُقْبَلُ إِذَا تَابَ، وَظَهَرَ إِعْرَاضُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، قَالَ الْأَصْحَابُ: التَّوْبَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى تَوْبَةٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ، وَإِلَى تَوْبَةٍ فِي الظَّاهِرِ، وَهِيَ تَتَعَلَّقُ بِهَا عَوْدُ الشَّهَادَةِ وَالْوِلَايَاتِ، أَمَّا الْأُولَى، فَهِيَ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى فِعْلٍ، وَيَتْرُكَ فِعْلَهُ فِي الْحَالِ، وَيَعْزِمَ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنْ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ مَالِيٌّ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَلَا لِلْعِبَادِ، كَقُبْلَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَمُبَاشَرَتِهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سِوَى ذَلِكَ، وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute