قُلْتُ: قَطَعَ بِالطَّرِيقِ الثَّانِي، الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَصَاحِبُ (الشَّامِلِ) وَغَيْرُهُمَا. وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي (الْأُمِّ) وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
هَذَا كُلُّهُ إِذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بَعْدَ بُلُوغِ الدَّمِ أَقَلَّ الْحَيْضِ، فَإِنْ رَأَتِ الْمُبْتَدَأَةُ نِصْفَ يَوْمٍ دَمًا، وَانْقَطَعَ، وَقُلْنَا بِطَرْدِ الْقَوْلَيْنِ، فَعَلَى قَوْلِ السَّحْبِ، لَا غُسْلَ عَلَيْهَا عِنْدَ الِانْقِطَاعِ الْأَوَّلِ، وَتَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي. وَفِي سَائِرِ الِانْقِطَاعَاتِ إِذَا بَلَغَ مَجْمُوعُ مَا سَبَقَ دَمًا وَنَقَاءً أَقَلَّ الْحَيْضِ، صَارَ حُكْمُهَا مَا سَبَقَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى.
وَعَلَى قَوْلِ التَّلْفِيقِ: لَا غُسْلَ فِي الِانْقِطَاعِ الْأَوَّلِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، لِشَكِّنَا فِي الْحَيْضِ، وَفِي سَائِرِ الِانْقِطَاعَاتِ إِذَا بَلَغَ مَا سَبَقَ مِنَ الدَّمِ وَحْدَهُ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَلْزَمُهَا الْغُسْلُ وَقَضَاءُ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ.
وَحُكْمُ الدَّوْرِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى.
فَصْلٌ
إِذَا جَاوَزَ الدَّمُ بِصِفَةِ التَّلْفِيقِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً؛ كَغَيْرِهَا إِذَا جَاوَزَ دَمُهَا، وَلَا صَائِرَ إِلَى الِالْتِقَاطِ مِنْ جَمِيعِ الشَّهْرِ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ مَبْلَغُ الدَّمِ عَلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ.
وَإِذَا صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً فَالْفَرْقُ بَيْنَ حَيْضِهَا وَاسْتِحَاضَتِهَا بِالرُّجُوعِ إِلَى الْعَادَةِ أَوِ التَّمْيِيزِ كَغَيْرِ ذَاتِ التَّلْفِيقِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِ اتَّصَلَ الدَّمُ الْمُجَاوِزُ بِدَمِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ. وَإِنِ انْفَصَلَ بِتَخَلُّلِ نَقَاءٍ فَالْمُجَاوِزُ اسْتِحَاضَةٌ. وَجَمِيعُ مَا فِي الْخَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ الدِّمَاءِ حَيْضٌ. وَفِي نَقَائِهَا الْقَوْلَانِ.
مِثَالُ الْمُتَّصِلِ: رَأَتْ سِتَّةً دَمًا، ثُمَّ سِتَّةً نَقَاءً، ثُمَّ سِتَّةً دَمًا.
وَمِثَالُ غَيْرِ الْمُتَّصِلِ: رَأَتْ يَوْمًا، وَيَوْمًا، فَالسَّادِسَ عَشَرَ نَقَاءٌ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ بِنْتِ الشَّافِعِيِّ. وَبِهِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْمَحْمُودِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَالصَّحِيحُ: أَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ فِي الْجَمِيعِ، وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ. فَالْمُسْتَحَاضَاتٍ خَمْسٌ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute