للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يُزَادُ عَلَى نَفَقَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ، أَنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ سُكْنَى ذَلِكَ الْيَوْمِ أَيْضًا، فَاسْتَمَرَّ عَلَى قِيَاسِ النَّفَقَةِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ غَيْرُهُ.

الْخَامِسَةُ: كُلُّ مَا قُلْنَا يُتْرَكُ لَهُ، إِنْ لَمْ نَجِدْهُ فِي مَالِهِ، اشْتُرِيَ لَهُ.

قُلْتُ: قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» يُبَاعُ عَلَيْهِ مَرْكُوبُهُ، وَإِنْ كَانَ ذَا مُرُوءَةٍ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِذَا مَاتَ الْمُفْلِسُ، قُدِّمَ كَفَنُهُ، وَحَنُوطُهُ، وَمُؤْنَةُ غُسْلِهِ وَدَفْنِهِ عَلَى الدُّيُونِ، وَكَذَلِكَ مَنْ مَاتَ مِنْ عَبِيدِهِ، وَأُمِّ وَلَدِهِ، وَزَوْجَتِهِ إِنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ كَفَنَهَا، وَكَذَلِكَ أُقَارِبُهُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ. قَالَ فِي «الْبَيَانِ» وَتُسَلَّمُ إِلَيْهِ النَّفَقَةُ يَوْمًا بِيَوْمٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

مِنْ قَوَاعِدِ الْبَابِ، أَنَّ الْمُفْلِسَ لَا يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ تَفْوِيتِ مَا هُوَ حَاصِلٌ. فَلَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى عَبْدِهِ، فَلَهُ الْقِصَاصُ. وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ. فَلَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةً لِلْمَالِ، فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَارِثِهِ الْعَفْوُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْغُرَمَاءِ. وَلَوْ كَانَ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ مُسَامِحًا بِبَعْضِ الصِّفَاتِ الْمَقْصُودَةِ الْمَشْرُوطَةِ إِلَّا بِإِذْنِهِمْ. وَلَوْ كَانَ وَهَبَ هِبَةً تَقْتَضِي الثَّوَابَ، وَقُلْنَا: يَتَقَدَّرُ الثَّوَابُ بِمَا يَرْضَى بِهِ الْوَاهِبُ، فَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِمَا شَاءَ. وَلَا يُكَلِّفْهُ طَلَبُ زِيَادَةٍ ; لِأَنَّهُ تَحْصِيلٌ. وَإِنْ قُلْنَا: يَتَقَدَّرُ الْمِثْلُ لَمْ يَجُزِ الرِّضَى بِمَا دُونَهُ. وَلَوْ زَادَ عَلَى الْمِثْلِ لَمْ يَجِبِ الْقَبُولُ. وَلَيْسَ عَلَى الْمُفْلِسِ أَنْ يَكْتَسِبَ، وَيُؤَاجِرَ نَفْسَهُ لِيَصْرِفَ الْكَسْبَ، وَالْأُجْرَةَ فِي الدُّيُونِ أَوْ بَقِيَّتِهَا. وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ صِيغَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِ، فَهَلْ يُؤَاجَرَانِ عَلَيْهِ؟ وَجْهَانِ. مَيْلُ الْإِمَامِ إِلَى الْمَنْعِ. وَفِي تَعَالِيقِ الْعِرَاقِيِّينَ، مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيجَارَ أَصَحُّ. فَعَلَى هَذَا، يُؤَجَّرُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى إِلَى أَنْ يَفْنَى الدَّيْنُ. وَمُقْتَضَى هَذَا، إِدَامَةُ الْحَجْرِ إِلَى فَنَاءِ الدَّيْنِ، وَهَذَا كَالْمُسْتَبْعَدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>