للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ كُلَّهَا مَنُوطَةٌ بِهِ كَالتَّحْلِيلِ، وَالتَّحْصِينِ وَالْحُدُودِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَالْغُسْلِ، وَفَسَادِ الْعِبَادَةِ، وَثُبُوتِ الْمُصَاهَرَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَسَبَبُهُ بَعْدَ الِاتِّبَاعِ، أَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الَّتِي تُحِسُّ تِلْكَ اللَّذَّةَ، قَالَ: وَيَعْنِي بِتَغَيُّبَهَا أَنْ يَشْتَمِلَ الشَّفْرَانِ وَمُلْتَقَاهُمَا عَلَيْهَا. أَمَّا لَوِ انْقَلَبَ الشَّفْرَانِ إِلَى الْبَاطِنِ وَكَانَتِ الْحَشَفَةُ تُلَاقِي مَا انْعَكَسَ مِنَ الْبَشَرَةِ الظَّاهِرَةِ، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ ; لِأَنَّهَا حَصَلَتْ فِي حَيِّزِ الْبَاطِنِ. وَذَكَرَ الْبَغَوِيُّ، أَنَّ أَقَلَّ مَا يَزُولُ بِهِ حُكْمُ التَّعْنِينِ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا أَنْ يَقْتَضَّهَا بِآلَةِ الِاقْتِضَاضِ. وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، فَأَنْ تُغَيِّبَ الْحَشَفَةُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الِاقْتِضَاضِ لَا يَحْصُلُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ. وَلَوْ جُبَّ بَعْضُ ذَكَرِهِ فَغَيَّبَ مِنَ الْبَاقِي قَدْرَ الْحَشَفَةِ، فَهُوَ كَتَغَيُّبِ الْحَشَفَةِ مِنَ السَّلِيمِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ تَغَيُّبُ جَمِيعَ الْبَاقِي وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَظَاهِرُ النَّصِّ مُؤَوَّلٌ.

فَصْلٌ

وَجَدَتْهُ عَنِينًا فَرَفَعَتْهُ إِلَى الْقَاضِي وَادَّعَتْ عَنَتَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا أَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى إِقْرَارِهِ بِهَا، ثَبَتَتْ. وَإِنْ أَنْكَرَ، حُلِّفَ، فَإِنْ حَلَفَ، لَمْ يُطَالَبْ بِتَحْقِيقِ مَا قَالَهُ بِالْوَطْءِ، وَامْتَنَعَ الْفَسْخُ، وَيَعُودُ مَا سَبَقَ أَنَّهُ هَلْ يُطَالَبُ بِوَطْأَةٍ وَاحِدَةٍ؟ وَإِنْ نَكَلَ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهَا: تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَيْهَا، وَلَهَا أَنْ تَحْلِفَ إِذَا بَانَ لَهَا عَنَتُهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَطُولِ الْمُمَارِسَةِ. وَالثَّانِي: يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ بِغَيْرِ يَمِينٍ. وَالثَّالِثُ: لَا تُرَدُّ عَلَيْهَا وَلَا يُقْضَى بِنُكُولِهِ. وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ وَجْهًا أَنَّ تَحْلِيفَ الزَّوْجِ لَا يُشْرَعُ أَصْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُرَدُّ عَلَيْهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ، ثُمَّ ثُبُوتُ الْعُنَّةِ لَا يُفِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>