هَذَا، وَالْمُخْتَارُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ بِالْجَمِيعِ، وَقَدْ أَنْكَرُوا عَلَى الْغَزَالِيِّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ. وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا قُبَيْلَ ذِكْرِ كِتَابِ الصَّدَاقِ عَنْ «فَتَاوَى» الْقَاضِي حُسَيْنٍ، أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا بِرَجُلٍ وَلَمْ تَعْلَمْ فِسْقَهُ، فَبَانَ فَاسِقًا، صَحَّ النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْإِشَارَةِ إِلَى عَيْنِهِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَكِنْ لَهَا حَقُّ الْفَسْخِ كَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا رَجُلًا ثُمَّ وَجَدَتْهُ مَعِيبًا، وَعَجَبٌ مِنَ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ كَيْفَ قَالَ هُنَا مَا قَالَ مَعَ نَقْلِهِ هَذَا عَنِ الْبَغَوِيِّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
نَكَحَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً فَخَرَجَتْ كِتَابِيَّةً، فَالنَّصُّ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ، وَلَوْ ظَنَّهَا حُرَّةً فَخَرَجَتْ أَمَةً وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ، فَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا خِيَارَ، وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: الْعَمَلُ بِظَاهِرِ النَّصَّيْنِ وَلِتَقْصِيرِ وَلِيِّ الْكَافِرَةِ بِتَرْكِ الْعَلَامَةِ، وَلِأَنَّ الْكُفْرَ مُنَفِّرٌ. وَأَصَحُّهُمَا: جَعْلُ الصُّورَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا خِيَارَ فِيهِمَا كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا يَظُنُّهُ كَاتِبًا فَأَخْلَفَ ظَنَّهُ.
فَصْلٌ
الْخُلْفُ فِي الشَّرْطِ، إِذَا قُلْنَا: لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ وَأَنَّهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ، فَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ؟ إِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ، كَانَ لِلزَّوْجَةِ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ فَسَخَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، لَمْ يَجِبْ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا الْمُتْعَةُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَمِ الْمُسَمَّى أَمْ أَقَلُّهُمَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ، الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ، الْأَوَّلُ. وَهَلْ يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِمَا غُرِّمَهُ مِنَ الْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ؟ فِيهِ التَّفْصِيلُ وَالْخِلَافُ السَّابِقَانِ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ، وَحُكْمِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute