مَنْ أَخْبَرَنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ، أَنَّهُ لَا يَقَعُ إِذَا أَخْبَرَتْهُ كَاذِبَةً، لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ، فَصَارَ فِي مَعْنَى شَرْطِ الْقُدُومِ فِي الْإِخْبَارِ، وَبِهَذَا قَالَ الْفُورَانِيُّ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
فَصْلٌ
تَحْتَهُ حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ، فَقَالَ: يَا عَمْرَةُ، فَأَجَابَتْهُ حَفْصَةُ، فَقَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ الْمُجِيبَةَ عَمْرَةَ، لَمْ تُطَلَّقْ عَمْرَةُ، لِأَنَّهُ لَمْ يُخَاطِبْهَا بِالطَّلَاقِ، بَلْ ظَنَّ ذَلِكَ، وَظَنُّ الْخِطَابِ بِالطَّلَاقِ لَا يَقْتَضِي وُقُوعَهُ.
وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى، طُلِّقَتِ الْمُخَاطَبَةُ دُونَ الْمَظْنُونَةِ، وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، لَمْ يَقَعِ الطَّلَاقُ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَأَمَّا حَفْصَةُ الْمُخَاطَبَةُ، فَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُقُوعِ بَاطِنًا، وَأَنَّهَا تُطَلَّقُ ظَاهِرًا بِلَا خِلَافٍ، هَذَا تَرْتِيبُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَوْ قِيلَ: تُطَلَّقُ حَفْصَةُ ظَاهِرًا قَطْعًا، وَفِي عَمْرَةَ وَجْهَانِ، لَكَانَ مُحْتَمَلًا، وَلَوْ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّ الَّتِي أَجَابَتْنِي حَفْصَةُ، سُئِلَ، فَإِنْ قَالَ: قَصَدْتُ طَلَاقَ حَفْصَةَ، طُلِّقَتْ حَفْصَةُ دُونَ عَمْرَةَ، لِأَنَّ قَوْلَهُ مُحْتَمَلٌ، وَإِنْ قَالَ: قَصَدْتُ طَلَاقَ عَمْرَةَ دُونَ حَفْصَةَ الْمُجِيبَةِ، طُلِّقَتْ عَمْرَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَيُدَيَّنُ فِي حَفْصَةَ، وَيَقَعُ طَلَاقُهَا ظَاهِرًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ كَانَ النِّدَاءُ وَالْجَوَابُ كَمَا سَبَقَ، لَكِنْ قَالَ بَعْدَ جَوَابِ حَفْصَةَ: زَيْنَبُ طَالِقٌ لِامْرَأَةٍ لَهُ ثَالِثَةٍ، طُلِّقَتْ زَيْنَبُ دُونَ حَفْصَةَ وَعَمْرَةَ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ وَزَيْنَبُ طَالِقَانِ، طُلِّقَتْ زَيْنَبُ، ثُمَّ يُسْأَلُ؟ فَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ الْمُجِيبَةَ عَمْرَةَ، لَمْ تُطَلَّقْ عَمْرَةُ، وَتُطَلَّقْ حَفْصَةُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّ الْمُجِيبَةَ حَفْصَةُ، وَقَصَدْتُ طَلَاقَهَا، طُلِّقَتْ دُونَ عَمْرَةَ، وَإِنْ قَالَ: قَصَدْتُ طَلَاقَ عَمْرَةَ، طُلِّقَتْ عَمْرَةُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَطُلِّقَتْ حَفْصَةُ ظَاهِرًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنَ التَّعْلِيقِ فِي شَيْءٍ، لَكِنَّ الْتِزَامَ تَرْتِيبِ الْكِتَابِ اقْتَضَى جَعْلَهَا هُنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute