للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ

مَنْ قَصَدَ مَكَّةَ لَا لِنُسُكٍ، لَهُ حَالَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَكُونَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ بِأَنْ دَخَلَهَا لِزِيَارَةٍ، أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ رِسَالَةٍ، وَكَالْمَكِّيِّ إِذَا دَخَلَهَا عَائِدًا مِنْ سَفَرِهِ، هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ. أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمَسْعُودِيِّ، وَصَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرِهِمَا فِي آخَرِينَ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ. وَالثَّانِي: يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمُتَابِعِيهِ، وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَالْغَزَالِيِّ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالِاسْتِحْبَابِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ فِي الْجُمْلَةِ: اسْتِحْبَابُهُ، وَقَدْ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ، كَالْحَطَّابِينَ وَالصَّيَّادِينَ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ: لَا يَلْزَمُهُ، فَهُنَا أَوْلَى وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: يَلْزَمُهُمُ الْإِحْرَامُ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً. وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْوُجُوبِ فَلَهُ شُرُوطٌ.

أَحَدُهَا: أَنْ يَجِئَ الدَّاخِلُ مِنْ خَارِجِ الْحَرَمِ، فَأَمَّا أَهْلُ الْحَرَمِ، فَلَا إِحْرَامَ عَلَيْهِمْ بِلَا خِلَافٍ. الثَّانِي: أَنْ لَا يَدْخُلَهَا لِقِتَالٍ، وَلَا خَائِفًا. فَإِنْ دَخَلَهَا لِقِتَالِ بَاغٍ، أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، أَوْ خَائِفًا مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ يَحْبِسُهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يُمْكِنُهُ الظُّهُورُ لِأَدَاءِ النُّسُكِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِحْرَامُ بِلَا خِلَافٍ.

الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ حُرًّا. فَالْعَبْدُ لَا إِحْرَامَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إِنْ أَذِنَ سَيِّدُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>