للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التَّبَرُّعَاتِ، فَإِنَّ النَّاذِرَ مُخَيَّرٌ فِي ابْتِدَاءِ نَذْرِهِ، فَالْوُجُوبُ بِهِ أَضْعَفُ. وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابٍ فِي مِلْكِهِ، هَلْ يَكُونُ وُجُوبُ الْحَجِّ دَيْنًا مَانِعًا مِنَ الزَّكَاةِ؟ حُكْمُهُ حُكْمُ دَيْنِ النَّذْرِ الَّذِي تَقَدَّمَ.

فَرْعٌ

إِذَا قُلْنَا: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ، فَمَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ، وَاجْتَمَعَ الدَّيْنُ وَالزَّكَاةُ فِي تَرِكَتِهِ - فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا أَنَّ الزَّكَاةَ تُقَدَّمُ كَمَا تُقَدَّمُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، ثُمَّ يُصْرَفُ الْبَاقِي إِلَى الْغُرَمَاءِ. وَالثَّانِي: يُقَدَّمُ دَيْنُ الْآدَمِيِّ كَمَا يُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى حَدِّ السَّرِقَةِ. وَالثَّالِثُ: يَسْتَوِيَانِ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا. وَقِيلَ: تُقَدَّمَ الزَّكَاةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَيْنِ قَطْعًا، وَالْأَقْوَالُ فِي اجْتِمَاعِ الْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهَا فِيمَا يُسْتَرْسَلُ فِي الذِّمَّةِ مَعَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ. وَقَدْ تَكُونُ الزَّكَاةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بِأَنْ يَتْلَفَ مَالُهُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَهُ مَالٌ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ هُنَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ.

فَصْلٌ

إِذَا أَحْرَزَ الْغَانِمُونَ الْغَنِيمَةَ، فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَجِّلَ قِسْمَتَهَا، وَيُكْرَهُ لَهُ التَّأْخِيرُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَإِذَا قَسَّمَ، فَكُلُّ مَنْ أَصَابَهُ مَالٌ زَكَوِيُّ وَهُوَ نِصَابٌ، أَوْ بَلَغَ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ مِلْكِهِ نِصَابًا، ابْتَدَأَ مِنْ حِينَئِذٍ حَوْلَهُ، وَلَوْ تَأَخَّرَتِ الْقِسْمَةُ بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ حَوْلًا، فَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا التَّمَلُّكَ فَلَا زَكَاةَ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِلْغَانِمِينَ، أَوْ مَمْلُوكَةٌ مِلْكًا فِي غَايَةٍ مِنَ الضَّعْفِ، يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ. وَلِلْإِمَامِ فِي قِسْمَتِهَا أَنْ يَخُصَّ بَعْضَهُمْ بِبَعْضِ الْأَنْوَاعِ أَوْ بَعْضِ الْأَعْيَانِ إِنِ اتَّحَدَ النَّوْعُ، وَلَا يَجُوزُ هَذَا فِي سَائِرِ الْقَسْمِ إِلَّا بِالتَّرَاضِي، وَإِنِ اخْتَارُوا التَّمَلُّكَ وَمَضَى حَوْلٌ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، فَإِنْ كَانَتِ الْغَنِيمَةُ أَصْنَافًا فَلَا زَكَاةَ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي جَمِيعِهَا أَوْ بَعْضِهَا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>