فَرْعٌ
لَوْ دَخَلَ الْكَافِرُ الْحَرَمَ، وَقَتَلَ صَيْدًا، لَزِمَهُ الضَّمَانُ. وَقَالَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» : يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمُهُ.
فَصْلٌ
قَطْعُ نَبَاتِ الْحَرَمِ حَرَامٌ، كَاصْطِيَادِ صَيْدِهِ. وَهَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الضَّمَانُ؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. وَالْقَدِيمُ: لَا. ثُمَّ النَّبَاتُ: شَجَرٌ وَغَيْرُهُ. أَمَّا الشَّجَرُ، فَيَحْرُمُ التَّعَرُّضُ بِالْقَلْعِ وَالْقَطْعِ لِكُلِّ شَجَرٍ رَطْبٍ غَيْرِ مُؤْذٍ حَرَمِيٍّ. فَيَخْرُجُ بِقَيْدِ الرَّطْبِ الْيَابِسُ، فَلَا شَيْءَ فِي قَطْعِهِ، كَمَا لَوْ قَدَّ صَيْدًا مَيِّتًا نِصْفَيْنِ. وَبِقَيْدٍ غَيْرِ مُؤْذٍ: الْعَوْسَجُ، وَكُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ، فَإِنَّهَا كَالْحَيَوَانِ الْمُؤْذِي، فَلَا يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِهَا ضَمَانٌ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ.
وَفِي وَجْهٍ اخْتَارَهُ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» : أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ، لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ، وَيُخَالِفُ الْحَيَوَانَ، فَإِنَّهُ يُقْصَدُ بِالْأَذِيَّةِ. وَيَخْرُجُ بِقَيْدِ الْحَرَمِيِّ أَشْجَارُ الْحِلِّ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْلَعَ شَجَرَةً مِنْ أَشْجَارِ الْحَرَمِ، وَيَنْقِلُهَا إِلَى الْحِلِّ، مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَتِهَا. وَلَوْ نَقَلَ، فَعَلَيْهِ رَدُّهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَلَ مِنْ بُقْعَةٍ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى أُخْرَى، لَا يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ. وَسَوَاءً نَقَلَ أَشْجَارَ الْحَرَمِ، أَوْ أَغْصَانَهَا، إِلَى الْحِلِّ، أَوْ إِلَى الْحَرَمِ، يُنْظَرُ، إِنْ يَبِسَتْ، لَزِمَهُ الْجَزَاءُ. وَإِنْ نَبَتَتْ فِي الْمَوْضِعِ الْمَنْقُولِ إِلَيْهِ، فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ. فَلَوْ قَلَعَهَا قَالِعٌ، لَزِمَهُ الْجَزَاءُ إِبْقَاءً لِحُرْمَةِ الْحَرَمِ. وَلَوْ قَلَعَ شَجَرَةً مِنَ الْحِلِّ وَغَرَسَهَا فِي الْحَرَمِ فَنَبَتَتْ، لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الْحَرَمِ، بِخِلَافِ الصَّيْدِ يَدْخُلُ الْحَرَمَ، فَيَجِبُ الْجَزَاءُ بِالتَّعَرُّضِ لَهُ؛ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَيْسَ بِأَصْلٍ ثَابِتٍ، فَاعْتَبَرَ مَكَانَهُ. وَالشَّجَرُ أَصْلٌ ثَابِتٌ، فَلَهُ حُكْمُ مَنْبَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute