كِتَابُ الرَّضَاعِ
الرَّضَاعُ يُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ، وَثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِجَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ، كَالْمِيرَاثِ، وَالنَّفَقَةِ، وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ، وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا، وَهَذَا كُلُّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ثُمَّ فِي كِتَابِ الرَّضَاعِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ:
الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، أَمَّا الْأَرْكَانُ فَثَلَاثَةٌ:
الْأَوَّلُ: الْمُرْضِعُ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: كَوْنُهُ امْرَأَةً، فَلَبَنُ الْبَهِيمَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ، فَلَوْ شَرِبَهُ صَغِيرَانِ لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ، وَلَا يُحَرِّمُ لَبَنُ الرَّجُلِ أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَقَالَ الْكَرَابِيسِيُّ: يُحَرِّمُ، وَلَبَنُ الْخُنْثَى لَا يَقْتَضِي أُنُوثَتَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَلَوِ ارْتَضَعَهُ صَغِيرٌ، تَوَقَّفَ فِي التَّحْرِيمِ، فَإِنْ بَانَ أُنْثَى، حَرَّمَ. وَإِلَّا، فَلَا.
الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُهَا حَيَّةً، فَلَوِ ارْتَضَعَ مَيِّتَةً، أَوْ حُلِبَ لَبَنُهَا، وَهِيَ مَيِّتَةٌ، لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ، كَمَا لَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ. وَلَوْ حُلِبَ لَبَنُ حَيَّةٍ، وَأُوجِرَ الصَّبِيَّ بَعْدَ مَوْتِهَا، حَرَّمَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ.
الشَّرْطُ الثَّالِثُ: كَوْنُهَا مُحْتَمِلَةً لِلْوِلَادَةِ، فَلَوْ ظَهَرَ لِصَغِيرَةٍ دُونَ تِسْعِ سِنِينَ لَبَنٌ، لَمْ يُحَرِّمْ، وَإِنْ كَانَتْ بِنْتَ تِسْعٍ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا، لِأَنَّ احْتِمَالَ الْبُلُوغِ قَائِمٌ، وَالرَّضَاعُ كَالنَّسَبِ فَكَفَى فِيهِ الِاحْتِمَالُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute