فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ مِنْهُ. ثُمَّ إِذَا أَخَذَ الْمَالَ كَانَ لِوَرَثَةِ مَنْ جَنَى عَلَيْهِ هَذَا الْعَبْدُ التَّعَلُّقُ بِهِ، لِأَنَّهُ بَدَلُ الْجَانِي عَلَى مُوَرِّثِهِمْ. فَإِذَا أَخَذُوهُ، رَجَعَ بِهِ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ مَرَّةً أُخْرَى، لِأَنَّهُ أُخِذَ [مِنْهُ] بِسَبَبِ جِنَايَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ، وَيُسَلَّمُ الْمَأْخُوذُ ثَانِيًا كَمَا سَبَقَ نَظِيرُهُ.
قُلْتُ: وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْفَصْلِ، لَوْ وَثَبَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ فَقَتَلَ الْغَاصِبَ، وَهَرَبَ إِلَى سَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: إِنْ عَفَا وَرَثَةُ الْغَاصِبِ عَنِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ، سَقَطَ الضَّمَانُ عَنِ الْغَاصِبِ فِي الْمَالِ. وَإِنْ قَتَلُوهُ، لَزِمَهُمْ قِيمَةُ الْعَبْدِ فِي التَّرِكَةِ، وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُسَلِّمُوهُ، وَكَذَا لَوْ طَلَبُوا الدِّيَةَ مِنْ رَقَبَتِهِ. وَإِنْ قَتَلَ الْمَغْصُوبُ سَيِّدَهُ وَهُوَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: أَنَّ لِوَرَثَةِ الْمَالِكِ أَنْ يَقْتَصُّوا مِنْهُ، وَإِذَا قَتَلُوهُ اسْتَحَقُّوا قِيمَتَهُ مِنَ الْغَاصِبِ. وَحَكَى فِي الْبَيَانِ وَجْهًا: أَنَّ جِنَايَتَهُ تَكُونُ هَدْرًا. وَلَوْ صَالَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ أَوِ الْجَمَلُ الْمَغْصُوبُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ لِلدَّفْعِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَجِبُ ضَمَانُهُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَصُولِ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
نَقْلُ التُّرَابِ مِنَ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، تَارَةً يَكُونُ مِنْ غَيْرِ إِحْدَاثِ حَفْرٍ، كَكَشْطِ وَجْهِهَا، وَتَارَةً بِإِحْدَاثِهَا كَحَفْرِ بِئْرٍ أَوْ نَهَرٍ. فَفِي الْحَالَةِ الْأُولَى، لِلْمَالِكِ إِجْبَارُهُ عَلَى رَدِّهِ إِنْ كَانَ بَاقِيًا. فَإِنْ تَلِفَ وَانْمَحَقَ بِهُبُوبِ الرِّيحِ أَوِ السُّيُولِ، أَجْبَرَهُ عَلَى رَدِّ مِثْلِهِ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ إِعَادَةُ وَضْعِهِ وَهَيْئَتِهِ كَمَا كَانَ مِنِ انْبِسَاطٍ أَوِ ارْتِفَاعٍ. وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهُ الْمَالِكُ بِالرَّدِّ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ لَهُ غَرَضٌ، بِأَنْ دَخَلَ الْأَرْضَ نَقْصٌ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ وَيَنْدَفِعُ عَنْهُ الْأَرْشُ، أَوْ نَقَلَهُ إِلَى مِلْكِهِ وَأَرَادَ تَفْرِيغَهُ، أَوْ إِلَى مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ شَارِعٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute