يُخَافُ مِنَ التَّعَثُّرِ بِهِ الضَّمَانُ، فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِالرَّدِّ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بِأَنْ نَقَلَهُ إِلَى مَوَاتٍ، أَوْ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيِ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ إِلَى الطَّرَفِ الْآخَرِ، فَإِنْ مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنَ الرَّدِّ، لَمْ يَرُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ، فَهَلْ يَفْتَقِرُ الرَّدُّ إِلَى إِذْنِهِ؟ وَجْهَانِ: بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ لَوْ مَنَعَهُ فَخَالَفَ وَرَدَّ، هَلْ لِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ النَّقْلَ ثَانِيًا؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَإِذَا كَانَ لَهُ غَرَضٌ فِي الرَّدِّ فَرَدَّهُ، فَمَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنْ بَسْطِهِ، لَمْ يَبْسُطْهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَبْسُوطًا.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا حَفَرَ بِئْرًا فَأَمَرَهُ الْمَالِكُ بِطَمِّهَا لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِهِ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ خَطَرَ الضَّمَانِ بِالسُّقُوطِ فِيهَا. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَا يَطِمُّ إِلَّا بِإِذْنِ الْمَالِكِ. فَإِنْ مَنَعَهُ وَقَالَ: رَضِيتُ بِاسْتِدَامَةِ الْبِئْرِ، فَإِنْ كَانَ لِلْغَاصِبِ غَرَضٌ
[فِي الطَّمِّ] سِوَى دَفْعِ ضَمَانِ السُّقُوطِ فَلَهُ الطَّمُّ، وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَصَحِّ، وَيَنْدَفِعُ عَنْهُ الضَّمَانُ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَنْ يَكُونَ جِنَايَةً وَتَعَدِّيًا. فَلَوْ لَمْ يَقُلْ: رَضِيتُ بِاسْتِدَامَتِهَا، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْمَنْعِ مِنَ الطَّمِّ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: هُوَ كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالرِّضَا، لِتَضَمُّنِهِ إِيَّاهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا يَتَضَمَّنُهُ. وَلَوْ طَوَى الْغَاصِبُ الْبِئْرَ بِآلَةِ نَفْسِهِ فَلَهُ نَقْلُهَا، وَلِلْمَالِكِ إِجْبَارُهُ عَلَيْهِ. فَإِنْ تَرَكَهَا وَوَهَبَهَا لَهُ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَحَيْثُ قُلْنَا فِي الْحَالَتَيْنِ: يَرُدُّ التُّرَابَ إِلَى مَوْضِعِهِ لِوُقُوعِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ شَارِعٍ فَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ نَقْلُهُ إِلَى مَوَاتٍ وَنَحْوِهِ فِي طَرِيقِ الرَّدِّ. فَإِنْ تَيَسَّرَ لَمْ يَرُدَّ إِلَّا بِإِذْنٍ قَالَهُ الْإِمَامُ وَذَكَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَسْتَقِلُّ بِالطَّمِّ إِذَا بَقِيَ التُّرَابُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ. أَمَّا إِذَا تَلِفَ، فَفِي الطَّمِّ بِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَالِكِ وَجْهَانِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى، وَفِيمَا إِذَا طَلَبَ الْمَالِكُ الرَّدَّ وَالَطَّمَّ عِنْدَ تَلَفِ ذَلِكَ [التُّرَابِ] ، وَالْأَصَحُّ فِيهِمَا جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ التُّرَابِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ إِذَا أَعَادَ هَيْئَةَ الْأَرْضِ فِي الْحَالَيْنِ كَمَا كَانَتْ، إِمَّا بِطَلَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute