وَلَفْظُ الْأَلْفَيْنِ، يَشْمَلُ الْأَلْفَ، فَرُبَّمَا سَمِعَ أَحَدُهُمَا الْأَلْفَ، وَغَفَلَ عَنْ آخِرِهِ. وَلَوِ ادَّعَى أَلْفًا، فَشَهِدَ لَهُ عَدْلٌ بِأَلْفٍ، وَآخَرُ بِأَلْفَيْنِ، فَالثَّانِي شَهِدَ بِالزِّيَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ. وَفِي مَصِيرِهِ بِذَلِكَ مَجْرُوحًا، وَجْهَانِ.
إِنْ لَمْ يَصِرْ مَجْرُوحًا، فَشَهَادَتُهُ بِالزِّيَادَةِ مَرْدُودَةٌ. وَفِي الْبَاقِي قَوْلَا تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ، وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِثُبُوتِ الْأَلْفِ، وَخَصَّ الْخِلَافَ فِي التَّبْعِيضِ بِمَا إِذَا اشْتَمَلَتِ الشَّهَادَةُ عَلَى مَا يَقْتَضِي الرَّدَّ، كَمَا إِذَا شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ. فَأَمَّا إِذَا زَادَ عَلَى الْمُدَّعَى بِهِ، فَقَوْلُهُ فِي الزِّيَادَةِ لَيْسَ شَهَادَةً، بَلْ هُوَ كَمَا لَوْ أَتَى بِالشَّهَادَةِ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمُ. وَإِنْ قُلْنَا: يَصِيرُ مَجْرُوحًا، قَالَ الْبَغَوِيُّ: يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِ الْأَلْفِ وَيَأْخُذُهُ. وَقَالَ الْإِمَامُ: إِنَّهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إِنَّمَا يَصِيرُ مَجْرُوحًا فِي الزِّيَادَةِ، فَأَمَّا الْأَلْفُ الْمُدَّعَى بِهِ، فَلَا حَرَجَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيهِ، لَكِنْ إِذَا رُدَّتِ الشَّهَادَةُ فِي الزَّائِدِ، كَانَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى قَوْلَيِ التَّبْعِيضِ. فَإِنْ لَمْ نُبَعِّضْهَا، فَأَعَادَ الشَّهَادَةَ بِالْأَلْفِ، قُبِلَتْ، لِمُوَافَقَتِهَا الدَّعْوَى، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَةِ الدَّعْوَى عَلَى الْأَصَحِّ.
فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ
إِحْدَاهَا: أَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ وَيُنْسَبُ إِلَيهِ، صَحَّ. فَلَوْ تَنَازَعَا فِي شَيْءٍ، هَلْ كَانَ فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ؟ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ، وَعَلَى الْآخَرِ الْبَيِّنَةُ. وَلَوْ قَالَ: لَيْسَ لِي مِمَّا فِي يَدِي إِلَّا أَلْفٌ، صَحَّ وَعُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ. وَلَوْ قَالَ: لَا حَقَّ لِي فِي شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ فُلَانٍ، ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا وَقَالَ: لَمْ أَعْلَمْ كَوْنَهُ فِي يَدِهِ يَوْمَ الْإِقْرَارِ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute