فِي أَنَّ بَيْعَ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ يَكْفِي عَنِ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ.
فَإِنْ لَمْ يَرْغَبْ فِي بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ، وَقَفَ الْأَمْرُ حَتَّى يَصْطَلِحَا. وَهَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَالَ فِي «الْمُهَذَّبِ» : يُفْسَخُ، وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَكَادُ يُفْرَضُ لِلْفَسْخِ بَعْدَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ فَائِدَةٌ.
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ثُبُوتِ الْفَسْخِ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ فَرْعَانِ.
أَحَدُهُمَا: إِذَا فُسِخَ، غَرِمَ الْمَالِكُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةَ مِثْلِ مَا عَمِلَ، وَلَا يُقَالُ بِتَوْزِيعِ الثِّمَارِ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِ جَمِيعِ الْعَمَلِ، إِذِ الثِّمَارُ لَيْسَتْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ حَتَّى يَقْتَضِيَ الْعَقْدُ التَّوْزِيعَ فِيهَا.
الثَّانِي: جَاءَ أَجْنَبِيٌّ وَقَالَ: لَا تَفْسَخْ لِأَعْمَلَ نِيَابَةً عَنِ الْعَامِلِ، لَمْ يَلْزَمِ الْإِجَابَةَ، لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَأْتَمِنُهُ وَلَا يَرْضَى بِدُخُولِهِ مِلْكَهُ. لَكِنْ لَوْ عَمِلَ نِيَابَةً بِغَيْرِ عِلْمِ الْمَالِكِ، وَحَصَلَتِ الثِّمَارُ، سَلَّمَ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَكَانَ الْأَجْنَبِيُّ مُتَبَرِّعًا [عَلَيْهِ] ، هَكَذَا قَالُوهُ.
وَلَوْ قِيلَ: وُجُودُ الْمُتَبَرِّعِ كَوُجُودِ مُقْرِضٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ الْفَسْخُ، لَكَانَ قَرِيبًا. وَالْعَجْزُ عَنِ الْعَمَلِ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ كَالْهَرَبِ.
فَصْلٌ
وَلَوْ مَاتَ مَالِكُ الشَّجَرِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، لَمْ تَنْفَسِخِ الْمُسَاقَاةُ، بَلْ يَسْتَمِرُّ الْعَامِلُ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ. وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ، فَإِنْ كَانَتِ الْمُسَاقَاةُ عَلَى عَيْنِهِ، انْفَسَخَتْ بِمَوْتِهِ كَالْأَجِيرِ [الْمُعَيَّنِ] . وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الذِّمَّةِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْضَى بِيَدِ غَيْرِهِ. وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ التَّفْرِيعُ: لَا تَنْفَسِخُ كَالْإِجَارَةِ، بَلْ يُنْظَرُ إِنْ خَلَّفَ تَرِكَةً، تَمَّمَ وَارِثُهُ الْعَمَلَ، بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَعْمَلُ، وَإِلَّا، فَإِنْ أَتَمَّ الْعَمَلَ بِنَفْسِهِ، أَوِ اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يُتِمُّ، فَعَلَى الْمَالِكِ تَمْكِينُهُ إِنْ كَانَ أَمِينًا مُهْتَدِيًا إِلَى أَعْمَالِ الْمُسَاقَاةِ، وَيُسَلِّمُ لَهُ الْمَشْرُوطَ. وَإِنْ أَبَى، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يُجْبَرُ، لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ، وَهُوَ شَاذٌّ، لِأَنَّ مَنَافِعَهُ لِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا يُجْبَرُ عَلَى أَدَاءِ مَا عَلَى الْمُورِثِ مِنْ تَرِكَتِهِ.
لَكِنْ لَوْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَامْتَنَعَ الْوَارِثُ مِنَ الِاسْتِئْجَارِ مِنْهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute