عُمِلَ بِقَوْلِ مَنْ يَدْعُو إِلَى الِاشْتِرَاكِ. وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْأَبَوَيْنِ الْمُحْتَاجَيْنِ ابْنٌ لَا يَقْدِرُ إِلَّا عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِهِمَا، وَلِلِابْنِ ابْنٌ مُوسِرٌ، فَعَلَى ابْنِ الِابْنِ بَاقِي نَفَقَتُهُمَا، فَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَا عَلَيْهِمَا بِالشَّرِكَةِ، أَوْ يُخَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ، فَذَاكَ، وَإِنِ اخْتَلَفَا، رَجَعْنَا إِلَى اخْتِيَارِ الْأَبَوَيْنِ إِنِ اسْتَوَتْ نَفَقَتُهُمَا، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ، اخْتَصَّ أَكْثَرُهُمَا نَفَقَةً بِمَنْ هُوَ أَكْثَرُ يَسَارًا، وَهَذَانِ الْجَوَابَانِ فِي الصُّورَتَيْنِ مُخْتَلِفَانِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَهُمَا، بَلْ يَنْبَغِي فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَالَ: تُخْتَصُّ الْأُمُّ بِالِابْنِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَهُوَ تَقْدِيمُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، وَإِذَا اخْتَصَّتْ بِهِ، تَعَيَّنَ الْأَبُ لِإِنْفَاقِ ابْنِ الِابْنِ.
فَصْلٌ
لَا تَلْزَمُ الْعَبْدَ نَفَقَةُ وَلَدِهِ، بَلْ إِنْ كَانَتِ الْأُمُّ حُرَّةً، فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهَا نَفَقَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ رَقِيقَةً، فَهُوَ رَقِيقُ نَفَقَتِهِ عَلَى مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا، وَأَبَوَاهُ رَقِيقَانِ، فَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي فُرُوعِهِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ نَفَقَةُ وَلَدِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً، بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ صِيَانَةً لِحَقِّ السَّيِّدِ، فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ لِسَيِّدِهِ أَيْضًا، جَازَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَجِبْ، لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ مُكَاتَبَةَ السَّيِّدِ، إِنْ جَعَلْنَا الْوَلَدَ مِلْكًا لِلسَّيِّدِ، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ يَتَكَاتَبُ عَلَيْهَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ، لِجَوَازِ أَنْ تُعْتَقَ الْمُكَاتَبَةُ وَالْوَلَدُ، وَيَعْجَزُ الْمُكَاتَبُ، فَيَكُونُ قَدْ فَوَّتَ مَالَ سَيِّدِهِ، هَكَذَا أَطْلَقُوهُ، وَلَا يَصِحُّ إِطْلَاقٌ بِتَجْوِيزِ الْإِنْفَاقِ عَلَى مِلْكِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَوِ اسْتَوْلَدَ الْمُكَاتَبُ جَارِيَةَ نَفْسِهِ، أَوْ كُنَّا لَا نُجَوِّزُ لَهُ ذَلِكَ، فَيَتَكَاتَبُ الْوَلَدُ عَلَيْهِ، وَيُنْفِقُ الْمُكَاتَبُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْسَابِهِ، لِأَنَّهُ إِنْ عُتِقَ، فَقَدْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى وَلَدِهِ، وَإِنْ رَقَّ، رَقَّ الْوَلَدُ أَيْضًا، فَيَكُونُ قَدْ أَنْفَقَ مَالَ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute