وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُحْصَدُ بَعْدَ الْحُلُولِ، أَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، مُنِعَ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ تَقِلُّ الرَّغْبَةُ فِي الْمَزْرُوعَةِ. وَفِي قَوْلٍ: لَا مَنْعَ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَطْعِ عِنْدَ الْمَحَلِّ إِنْ لَمْ يَفِ قِيمَتُهَا مَزْرُوعَةً دُونَ الزَّرْعِ بِالدَّيْنِ. وَلَوْ غَرَسَ أَوْ بَنَى حَيْثُ مَنَعْنَاهُ لَمْ يُقْلَعْ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ عَلَى الصَّحِيحِ، فَلَعَلَّهُ يَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِهِ. وَأَمَّا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْحَاجَةِ إِلَى الْبَيْعِ، فَيُقْلَعُ إِنْ لَمْ تَفِ قِيمَةُ الْأَرْضِ بِدَيْنِهِ، وَزَادَتْ بِالْقَلْعِ. فَلَوْ صَارَ الرَّاهِنُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالْإِفْلَاسِ، فَفِي الْقَلْعِ وَجْهَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَبَتَ النَّخْلُ مِنْ نَوًى حَمَلَهُ السَّيْلُ، حَيْثُ جَزَمْنَا بِأَنَّهُ لَا يُقْلَعُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ، لِأَنَّا مَنَعْنَاهُ هُنَا.
فَصْلٌ
الْيَدُ عَلَى الْمَرْهُونِ، مُسْتَحَقَّةٌ لِلْمُرْتَهَنِ ; لِأَنَّهَا مَقْصُودُ التَّوَثُّقِ. فَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ، كَالنُّقُودِ وَالْحُبُوبِ، لَا تُزَالُ يَدُ الْمُرْتَهِنِ عَنْهُ. وَأَمَّا غَيْرُهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ مَعَ بَقَائِهِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، تَعَيَّنَ فِعْلُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ، وَإِنَّمَا تُزَالُ يَدُهُ عِنْدَ اشْتِدَادِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مُكْتَسِبًا وَتَيَسَّرَ اسْتِكْسَابُهُ هُنَاكَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ إِنْ أَرَادَ الرَّاهِنُ الِاسْتِكْسَابَ. فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِخْدَامَ أَوِ الرُّكُوبَ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنَ الِانْتِفَاعِ الْمُحْوِجِ إِلَى إِخْرَاجِهِ مِنْ يَدِهِ، فَفِي قَوْلٍ قَدِيمٍ: لَا يَخْرُجُ، وَالْمَشْهُورُ: أَنَّهُ يَخْرُجُ. ثُمَّ إِنِ اسْتَوْفَى تِلْكَ الْمَنَافِعَ بِإِعَارَةٍ لِعَدْلٍ، أَوْ إِجَارَةٍ بِشَرْطِهَا السَّابِقِ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَإِنْ أَرَادَ اسْتِيفَاءَهَا بِنَفْسِهِ، قَالَ فِي «الْأُمِّ» : لَهُ ذَلِكَ، وَمَنْعَهُ فِي الْقَدِيمِ، فَحَمَلَ حَامِلُونَ الْأَوَّلَ عَلَى الثِّقَةِ الْمَأْمُونِ جُحُودُهُ. وَالثَّانِي: عَلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ آخَرُونَ: هُمَا قَوْلَانِ مُطْلَقًا، وَهَذَا أَصَحُّ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ: جَوَازُهُ مُطْلَقًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute