وَفَرَّعَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَلَى الْجَوَازِ: أَنَّهُ إِنْ وَثِقَ الْمُرْتَهِنُ بِالتَّسْلِيمِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا أَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَيْنَ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِلِانْتِفَاعِ، فَإِنْ كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ عِنْدَ النَّاسِ، مَشْهُورَ الْعَدَالَةِ لَمْ يُكَلَّفِ الْإِشْهَادَ فِي كُلِّ أَخْذَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ. فَإِنْ كَانَ الْمَرْهُونُ جَارِيَةً، فَأَرَادَ أَخْذَهَا لِلِاسْتِخْدَامِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ، إِلَّا إِذَا أَمِنَ غِشْيَانَهُ، بِأَنْ كَانَ مُحَرَّمًا، أَوْ ثِقَةً وَلَهُ أَهْلٌ. ثُمَّ إِنْ كَانَ لَهُ إِخْرَاجُ الْمَرْهُونِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ لِمَنْفَعَةٍ يَدُومُ اسْتِيفَاؤُهَا، فَذَاكَ. وَإِنْ كَانَتْ تُسْتَوْفَى
[فِي] بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، كَالرُّكُوبِ، وَالِاسْتِخْدَامِ، اسْتُوْفِيَ نَهَارًا، وَرُدَّ إِلَى الْمُرْتَهِنِ لَيْلًا.
فَرْعٌ
لَيْسَ لِلرَّاهِنِ الْمُسَافَرَةُ بِهِ بِحَالٍ وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْخَطَرِ. وَلِهَذَا مُنِعَ زَوْجُ الْأَمَةِ مِنَ السَّفَرِ بِهَا. وَإِنَّمَا جَازَ لِسَيِّدِهَا السَّفَرُ بِهَا لِحَقِّهِ الْمُتَعَلِّقِ بِالرَّقَبَةِ، وَلِئَلَّا يَمْتَنِعَ مِنْ تَزْوِيجِهَا، وَيَجُوزُ لِلْحُرِّ السَّفَرُ بِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ.
كَلَامُ الْغَزَالِيُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْتَزَعُ الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ إِذَا أَمْكَنَ اسْتِكْسَابُهُ، وَإِنْ طَلَبَ الرَّاهِنُ خِدْمَتَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَكْثَرُ لِذَلِكَ. وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ: أَنَّ لَهُ الِاسْتِخْدَامَ مَعَ إِمْكَانِ الِاسْتِكْسَابِ.
قُلْتُ: كَلَامُ الْغَزَالِيُّ، مَحْمُولٌ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ ذَكَرْتُ تَأْوِيلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute