للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الضَّرْبَ سَبَبٌ ظَاهِرٌ فِي الِانْكِبَاسِ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ لَا أَمَارَةَ لَهَا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا. وَقِيلَ: فِيهِمَا قَوْلَانِ. وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ هُنَا، وَيَحْنَثُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ.

قُلْتُ: هَكَذَا صَوَّرَ الْجُمْهُورُ مَسْأَلَةَ الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا شَكَّ، وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ إِذَا شَكَّ، حَنِثَ، وَإِنَّمَا لَا يَحْنَثُ عَلَى الْمَنْصُوصِ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِصَابَةُ الْجَمِيعِ، وَهَذَا حَسَنٌ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ، لِأَنَّ بَعْدَ هَذَا الضَّرْبِ شَكَّ فِي الْحِنْثِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَحْنَثُ، فَالْوَرَعُ أَنْ يَحْنَثَ نَفْسُهُ، فَيُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَلَوْ حَلَفَ: لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ فَضَرَبَهُ مَرَّةً بِالْعِثْكَالِ أَوْ بِالْمِائَةِ الْمَشْدُودَةِ، لَمْ يَبَرَّ، لِأَنَّهُ لَمْ يَضْرِبْهُ إِلَّا مَرَّةً. وَلَوْ حَلَفَ: لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ ضَرْبَةٍ، لَمْ يَبَرَّ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ حَلَفَ: لَيَضْرِبَنَّهُ بِالسَّوْطِ، لَمْ يَبَرَّ بِالْعَصَا وَالشَّمَارِيخِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَوْطٍ. وَلَوْ قَالَ: مِائَةُ سَوْطٍ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ، وَإِنَّمَا يَبَرُّ بِأَنْ يَجْمَعَ مِائَةَ سَوْطٍ وَيَشُدَّهَا وَيَضْرِبَهُ بِهَا دُفْعَةً، أَوْ خَمْسِينَ وَيَضْرِبُهُ دُفْعَتَيْنِ، أَوْ سَوْطَيْنِ وَيَضْرِبُهُ بِهِمَا خَمْسِينَ مَرَّةً، بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ إِصَابَةَ الْجَمِيعِ عَلَى مَا سَبَقَ وَقِيلَ: يَبَرُّ بِالْعِثْكَالِ، كَمَا فِي لَفْظِ الْخَشَبَةِ.

فَصْلٌ

فِي حِنْثِ النَّاسِي وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ. فَإِذَا وُجِدَ الْقَوْلُ أَوِ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ أَوِ النِّسْيَانِ أَوِ الْجَهْلِ، سَوَاءً كَانَ الْحَلِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>