الْأَخِيرَةِ. وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَدْخُلَ الْأُولَى أَيْضًا، كَقَوْلِهِ: بِعْتُكَ مِنْ هَذَا الْجِدَارِ إِلَى هَذَا الْجِدَارِ. وَلَوْ قَالَ: مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ، فَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ، وَهُوَ نَصُّهُ. وَقِيلَ: تِسْعَةٌ، وَنَقَلَهُ فِي الْمِفْتَاحِ عَنْ نَصِّهِ. وَقِيلَ: عَشَرَةٌ، حَكَاهُ أَبُو خَلَفٍ السُّلَمِيُّ عَنِ الْقَفَّالِ. وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ قَوْلِهِ: مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ، وَقَوْلُهُ: مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ. وَرُبَّمَا سَوَّوْا بَيْنَهُمَا. وَيَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ، فَيَقْطَعَ بِالثَّمَانِيَةِ فِي الصِّيغَةِ الْأَخِيرَةِ.
قُلْتُ: الْقَطْعُ بِالثَّمَانِيَةِ، هُوَ الصَّوَابُ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَمْ يُفَرِّقُوا - غَيْرُ مَقْبُولٍ، فَقَدْ فَرَّقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ، فَقَطَعَ بِالثَّمَانِيَةِ فِي قَوْلِهِ: مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ. وَذَكَرَ الْأَوْجُهَ فِيمَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إِلَى عَشَرَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ، إِنْ أَرَادَ الظَّرْفَ، لَزِمَهُ دِرْهَمٌ فَقَطْ. وَإِنْ أَرَادَ الْحِسَابَ، فَعَشَرَةٌ. وَإِنْ أَرَادَ بِـ «فِي» : «مَعَ» ; لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ. وَإِنْ أَطْلَقَ، فَدِرْهَمٌ. وَحُكِيَ قَوْلٌ فِي مِثْلِهِ فِي الطَّلَاقِ: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْحِسَابِ، وَهُوَ جَارٍ هُنَا.
الضَّرْبُ الْخَامِسُ: الظَّرْفُ.
الْأَصْلُ فِي هَذَا، أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالظُّرُوفِ لَيْسَ إِقْرَارًا بِالْمَظْرُوفِ. وَكَذَا عَكْسُهُ، وَدَلِيلُهُ، الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ. أَمَّا إِذَا قَالَ: لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ، أَوْ سَيْفٌ فِي غِمْدٍ، أَوْ ثَوْبٌ فِي مَنْدِيلٍ، أَوْ تَمْرٌ فِي جِرَابٍ، أَوْ لَبَنٌ فِي كُوزٍ، أَوْ طَعَامٌ فِي سَفِينَةٍ، أَوْ غَصَبْتُهُ زَيْتًا فِي جَرَّةٍ، فَهُوَ مُقِرٌّ بِالْمَظْرُوفِ فَقَطْ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي غِمْدٌ فِيهِ سَيْفٌ، وَجَرَّةٌ فِيهَا زَيْتٌ، وَجِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ، وَسَفِينَةٌ فِيهَا طَعَامٌ، فَإِقْرَارٌ بِالظَّرْفِ فَقَطْ. وَلَوْ قَالَ: فَرَسٌ فِي إِصْطَبْلٍ، أَوْ حِمَارٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute