فَرْعٌ
مَوَاتُ الْحَرَمِ يُمَلَّكُ بِالْإِحْيَاءِ، كَمَا أَنَّ مَعْمُورَهُ يُمَلَّكُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَهَلْ تُملَّك أَرْضُ عَرَفَاتٍ بِالْإِحْيَاءِ كَسَائِرِ الْبِقَاعِ، أَمْ لَا، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوُقُوفِ بِهَا؟ وَجْهَانِ. إِنْ قُلْنَا: تُملَّك، فَفِي بَقَاءِ حَقِّ الْوُقُوفِ فِيمَا مُلِّكَ وَجْهَانِ. إِنْ قُلْنَا: يَبْقَى، فَذَاكَ مَعَ اتِّسَاعِ الْبَاقِي، أَمْ بِشَرْطِ ضِيقِهِ عَلَى الْحَجِيجِ؟ وَجْهَانِ. وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ، الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَضِيقَ الْمَوْقِفُ فَيُمْنَعَ، أَوْ، لَا، فَلَا.
وَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي، وَشَبَّهَهَا بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا وَخُصُوصًا، كَالْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ وَالرِّبَاطَاتِ، وَمُصَلَّى الْعِيدِ خَارِجَ الْبَلَدِ.
قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي أَرْضِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ، كَعَرَفَاتٍ، لِوُجُودِ الْمَعْنَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
الشَّارِعُ فِي إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ مُتَحَجِّرٌ مَا لَمْ يُتِمَّهُ، وَكَذَا إِذَا أَعْلَمَ عَلَيْهِ عَلَامَةً لِلْعِمَارَةِ، مِنْ نَصْبِ أَحْجَارٍ، أَوْ غَرْزِ خَشَبَاتٍ، أَوْ قَصَبَاتٍ، أَوْ جَمْعِ تُرَابٍ، أَوْ خَطِّ خُطُوطٍ، وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ، بَلْ يَجْعَلُهُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ. وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ وَجْهًا: أَنَّهُ يُمَلَّكُ بِهِ، وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ، وَالتَّفْرِيعُ عَلَى الصَّحِيحِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إِذَا مَاتَ الْمُتَحَجِّرُ، انْتَقَلَ حَقُّهُ إِلَى وَرَثَتِهِ. وَلَوْ نَقَلَهُ إِلَى غَيْرِهِ، صَارَ الثَّانِي أَحَقَّ بِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute