أَصَحُّهُمَا: يُوَزَّعُ النِّصْفُ عَلَيْهِمْ، وَالثَّانِي يُعَيِّنُ لَهُ الْقَاضِي وَاحِدًا، أَوْ جَمَاعَةً بِاجْتِهَادِهِ كَيْ لَا يَعْسُرَ التَّوْزِيعُ، وَهَذَا كَالْخِلَافِ فِيمَا لَوْ كَثُرَتِ الْعَاقِلَةُ فِي دَرَجَةٍ بِحَيْثُ لَوْ وُزِّعَ الْوَاجِبُ، لَأَصَابَ كُلَّ غَنِيٍّ دُونَ نِصْفٍ، وَكُلَّ مُتَوَسِّطٍ دُونَ رُبُعٍ فَقَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ: ضَرْبُهُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَالثَّانِي: يَخُصُّ الْإِمَامَ جَمَاعَةً يُضْرَبُ عَلَى أَغْنِيَائِهِمُ النِّصْفُ، وَمُتَوَسِّطِهِمُ الرُّبْعُ.
وَعَلَى هَذَا وَجْهَانِ؛ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ يَخُصُّ جَمَاعَةً بِاجْتِهَادِهِ، وَالثَّانِي: يَجْعَلُهُمْ فَرِيقَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً كَمَا يَقْتَضِيهِ الْحَالُ وَيُقْرَعُ.
فَصْلٌ
لَا خِلَافَ أَنَّ مَا يُضْرَبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ يُضْرَبُ مُؤَجَّلًا وَأَنَّ الْأَجَلَ لَا يَنْقُصُ عَنْ سَنَةٍ؛ وَأَنَّ دِيَةَ النَّفْسِ الْكَامِلَةِ تُؤَجَّلُ إِلَى ثَلَاثِ سِنِينَ؛ يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلْثُهَا، وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي عِلَّتِهِ؛ فَرَاعَتْ طَائِفَةٌ كَوْنَهَا بَدَلَ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ، وَرَاعَى آخَرُونَ قَدْرَ الْوَاجِبِ وَاعْتَبَرُوا التَّأْجِيلَ بِهِ؛ وَهَذَا أَصَحُّ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي صُوَرٍ:
إِحْدَاهَا: بَدَلُ الْعَبْدِ أَوْ طَرَفُهُ إِذَا جُنِيَ عَلَيْهِ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ؛ هَلْ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَمْ هُوَ فِي مَالِ الْجَانِي؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ وَهُوَ الْجَدِيدُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ آدَمِيٍّ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ قِصَاصٌ وَكَفَّارَةٌ؛ فَعَلَى هَذَا لَوِ اخْتَلَفَ السَّيِّدُ وَالْعَاقِلَةُ فِي قِيمَتِهِ؛ صُدِّقُوا بِأَيْمَانِهِمْ؛ فَلَوْ صَدَّقَهُ الْجَانِي لَمْ يَقْبَلْ عَلَيْهِمْ بَلِ الزِّيَادَةُ عَلَى مَا اعْتَرَفَتْ بِهِ الْعَاقِلَةُ فِي مَالِهِ. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ قَدْرَ دِيَةِ حُرٍّ ضُرِبَتْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَوْ كَانَتْ قَدْرَ دِيَتَيْنِ؛ فَهَلْ تُضْرَبُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِكَوْنِهَا بَدَلَ نَفْسٍ؛ أَمْ فِي سِتِّ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرَ ثُلْثِ دِيَةٍ نَظَرًا إِلَى الْقَدْرِ؟ وَجْهَانِ؛ أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute