قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ أَسْلَمَتِ الْمَرْأَةُ، وَلَمْ يُسْلِمِ الثَّانِي، وَجَبَ أَنْ تُكْمِلَ الْعِدَّةَ الْأُولَى، ثُمَّ تَعْتَدَّ عَنِ الثَّانِي قَطْعًا، لِأَنَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ هُنَا أَقْوَى حَتَّى تَسْقُطَ بَقِيَّةُ الْأُولَى أَوْ تَدْخُلَ فِيهَا. قَالَ: وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ طَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً، وَأَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي، ثُمَّ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ، فَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي بَقِيَّةِ عِدَّتِهِ، إِنْ قُلْنَا بِدُخُولِهَا فِي الْعِدَّةِ الثَّانِيَةِ. وَإِنْ قُلْنَا بِسُقُوطِهَا، فَلَا. قَالَ: وَلَوْ أَرَادَ الثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا، فَلَهُ ذَلِكَ إِنْ قُلْنَا: بِسُقُوطِ بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ الْأُولَى، لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ فَقَطْ، وَإِنْ قُلْنَا بِدُخُولِهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَلَا، حَتَّى تَنْقَضِيَ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا مِنَ الْأَوَّلِ، لَمْ تَكْفِهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ، بَلْ تَسْتَأْنِفُ بَعْدَ الْوَضْعِ عِدَّةَ الثَّانِي. وَإِنَّ أَحْبَلَهَا الثَّانِي، فَإِنْ قُلْنَا: تَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْأُولَى، فَكَذَا هُنَا، وَيَكْفِيهَا وَضْعُ الْحَمْلِ. وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّدَاخُلِ، عَادَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ إِلَى بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ الْأُولَى، لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنَ الْأَوَّلِ، فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ. وَلَوْ طَلَّقَ حَرْبِيٌّ زَوْجَتَهُ، فَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ حَرْبِيٌّ بِنِكَاحٍ وَطَلَّقَهَا حَرْبِيٌّ، فِيهَا الْخِلَافُ، وَفِيهِ صَوَّرَ الْإِمَامُ الْمَسْأَلَةَ.
فَصْلٌ
طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهَجَرَهَا، أَوْ غَابَ عَنْهَا، انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْأَقْرَاءِ أَوِ الْأَشْهُرِ. فَلَوْ لَمْ يَهْجُرْهَا، بَلْ كَانَ يَطَؤُهَا، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهُ وَطْءُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ مَا دَامَ يَطَؤُهَا، لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَهِيَ مَشْغُولَةٌ.
وَإِنْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا، وَلَكِنْ يُخَالِطُهَا وَيُعَاشِرُهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحُدُهَا: لَا تُحْسَبُ تِلْكَ الْمَدَّةُ مِنَ الْعِدَّةِ، لِأَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالزَّوْجَاتِ دُونَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَهْجُورَاتِ. وَالثَّانِي: تُحْسَبُ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمُخَالَطَةَ لَا تُوجِبُ عِدَّةً، فَلَا تَمْنَعُهَا، حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ عَنِ الْمُحَقِّقِينَ. وَالثَّالِثُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ أَخَذَ الْأَئِمَّةُ، مِنْهُمُ الْقَفَّالُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute