قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ السُّدُسُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَوْصَى إِنْسَانٌ لِهَذَا الْحَمْلِ بِشَيْءٍ، فَانْفَصَلَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ قَبُولِ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ الْوَصِيَّةَ، فَالْوَصِيَّةُ مُسْتَقِرَّةٌ، لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ، وَالْمَالُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَا، فَحَقُّ الْقَبُولِ لِلْوَرَثَةِ.
وَلَوْ سَمَّى الْمُوصِي أَحَدَهُمَا، فَقَالَ: أَوْصَيْتُ لِحَمْلِ فُلَانٍ هَذَا، فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِغَيْرِ الْمُسَمَّى، بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ، صَحَّتْ، وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ، فَفِي بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِ الْعِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ، لَا يَتَدَاخَلَانِ إِذَا كَانَ فِي شَخْصَيْنِ مُحْتَرَمَيْنِ. فَأَمَّا إِذَا طَلَّقَ حَرْبِيٌّ زَوْجَتَهُ، فَوَطِئَهَا فِي عِدَّتِهِ حَرْبِيٌّ آخَرُ بِشُبْهَةٍ، أَوْ نَكَحَهَا وَوَطِئَهَا، ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَ الثَّانِي، أَوْ دَخَلَا بِأَمَانٍ، وَتَرَافَعَا إِلَيْنَا، فَحُكِيَ عَنِ النَّصِّ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ عَلَيْهَا عِدَّتَانِ، بَلْ يَكْفِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْ يَوْمِ وَطْئِهَا الثَّانِي) . وَلِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ. أَحُدُهَا: الِاكْتِفَاءُ بِعِدَّةٍ عَمَلًا بِهَذَا النَّصِّ، لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ ضَعِيفَةٌ، وَمَاؤُهُمْ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ، فَيُرَاعَى أَصْلُ الْعِدَّةِ، وَيُجْعَلُ جَمِيعُهُمْ كَشَخْصٍ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عِدَّتَيْنِ كَالْمُسْلِمِينَ، وَرَدَّ هَذَا النَّصُّ. وَالثَّالِثُ: عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَنَقَلَ السَّرَخْسِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، أَنَّ بَعْضَهُمْ خَرَجَ مِنْ هَذَا النَّصِّ، فِيمَا إِذَا كَانَتِ الْعِدَّتَانِ لِمُسْلِمَيْنِ، وَجَعَلَ الصُّورَتَيْنِ عَلَى قَوْلَيْنِ نَقْلًا وَتَخْرِيجًا، وَهَذَا غَرِيبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا. فَإِذَا قُلْنَا فِي الْكَافِرِينَ: يَكْفِي عِدَّةٌ، فَهَلْ نَقُولُ: هِيَ لِلْوَطْءِ الثَّانِي فَقَطْ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ لِضَعْفِ حُقُوقِ الْحَرْبِيِّ وَبُطْلَانِهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى زَوْجَتِهِ، أَمْ نَقُولُ: تَدْخُلُ بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ؟ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَرْجَحُهُمَا الْأَوَّلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute