كِتَابُ الضَّحَايَا
اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ الرَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ، ذَكَرَ كِتَابَ الضَّحَايَا، وَالصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، وَالْعَقِيقَةِ، وَالْأَطْعِمَةِ، وَالنُّذُورِ، فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ بَعْدَ الْمُسَابَقَةِ. وَهُنَاكَ ذَكَرَهَا الْمُزَنِيُّ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَذَكَرَهَا طَائِفَةٌ مِنْهُمْ هُنَا، وَهَذَا أَنْسَبُ، فَاخْتَرْتُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
التَّضْحِيَةُ، سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَشِعَارٌ ظَاهِرٌ، يَنْبَغِي لِمَنْ قَدِرَ أَنْ يُحَافِظَ عَلَيْهَا. وَإِذَا الْتَزَمَهَا بِالنَّذْرِ، لَزِمَتْهُ. وَلَوِ اشْتَرَى بَدَنَةً أَوْ شَاةً تَصْلُحُ لِلضَّحِيَّةِ بِنِيَّةِ التَّضْحِيَةِ، أَوِ الْهَدْيِ، لَمْ تَصِرْ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ ضَحِيَّةً وَلَا هَدْيًا. وَفِي «تَتِمَّةِ التَّتِمَّةِ» وَجْهٌ: أَنَّهَا تَصِيرُ، وَهُوَ غَلَطٌ حَصَلَ عَنْ غَفْلَةٍ. وَمَوْضِعُ الْوَجْهِ النِّيَّةُ فِي دَوَامِ الْمِلْكِ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ صَاحِبُ «الْبَحْرِ» : لَوْ قَالَ: إِنِ اشْتَرَيْتُ شَاةً، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَجْعَلَهَا نَذْرًا، فَهُوَ نَذْرٌ مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ. فَإِذَا اشْتَرَى شَاةً، فَعَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَهَا ضَحِيَّةً، وَلَا تَصِيرُ بِالشِّرَاءِ ضَحِيَّةً، فَلَوْ عَيَّنَ فَقَالَ: إِنِ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ الشَّاةَ، فَعَلَيَّ أَنْ أَجْعَلَهَا ضَحِيَّةً، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ جَعْلُهَا ضَحِيَّةً، تَغْلِيبًا لِحُكْمِ التَّعْيِينِ، وَقَدْ أَوْجَبَهَا قَبْلَ الْمِلْكِ. وَالثَّانِي: يَلْزَمُ، تَغْلِيبًا لِلنَّذْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute