للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ الْجُمْهُورُ. وَالثَّانِي: الْبَصِيرُ أَوْلَى، وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ. وَالثَّالِثُ: الْأَعْمَى أَوْلَى، قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ.

فَصْلٌ فِي الصِّفَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ فِي الْإِمَامِ

الْأَسْبَابُ الَّتِي يَتَرَجَّحُ بِهَا الْإِمَامُ سِتَّةٌ: الْفِقْهُ، وَالْقِرَاءَةُ، وَالْوَرَعُ، وَالسِّنُّ، وَالنَّسَبُ، وَالْهِجْرَةُ. فَأَمَّا الْفِقْهُ وَالْقِرَاءَةُ، فَظَاهِرَانِ.

وَأَمَّا الْوَرَعُ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الْعَدَالَةِ، بَلْ مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ مِنْ حُسْنِ السِّيرَةِ وَالْعِفَّةِ.

وَأَمَّا السِّنُّ، فَالْمُعْتَبَرُ سِنٌّ مَضَى فِي الْإِسْلَامِ، فَلَا يُقَدَّمُ شَيْخٌ أَسْلَمَ الْيَوْمَ، عَلَى شَابٍّ نَشَأَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا عَلَى شَابٍّ أَسْلَمَ أَمْسِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الشَّيْخُوخَةُ، بَلِ النَّظَرُ إِلَى تَفَاوُتِ السِّنِّ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى اعْتِبَارِهَا.

وَأَمَّا النَّسَبُ، فَنَسَبُ قُرَيْشٍ مُعْتَبَرٌ بِلَا خِلَافٍ. وَفِي غَيْرِهِمْ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يُعْتَبَرُ كُلُّ نَسَبٍ يُعْتَبَرُ فِي الْكَفَاءَةِ، كَالْعُلَمَاءِ، وَالصُّلَحَاءِ. فَعَلَى هَذَا الْهَاشِمِيُّ وَالْمُطَّلِبِيُّ يُقَدَّمَانِ عَلَى سَائِرِ قُرَيْشٍ، وَسَائِرُ قُرَيْشٍ يُقَدَّمُونَ عَلَى سَائِرِ الْعَرَبِ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ يُقَدَّمُونَ عَلَى الْعَجَمِ. وَالثَّانِي: لَا يُعْتَبَرُ مَا عَدَا قُرَيْشًا.

وَأَمَّا الْهِجْرَةُ، فَيُقَدَّمُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ. وَمَنْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ عَلَى مَنْ تَأَخَّرَتْ. وَكَذَلِكَ الْهِجْرَةُ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ - مُعْتَبَرَةٌ، وَأَوْلَادُ مَنْ هَاجَرَ أَوْ تَقَدَّمَتْ هِجْرَتُهُ، مُقَدَّمُونَ عَلَى أَوْلَادِ غَيْرِهِمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>