للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ خِيَارِ النَّقِيصَةِ.

هُوَ مَنُوطٌ بِفَوَاتِ شَيْءٍ مِنَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَانَ يَظُنُّ حُصُولَهُ، وَذَلِكَ الظَّنُّ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ. أَوَّلُهَا: شَرْطُ كَوْنِهِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ. وَثَانِيهَا: اطِّرَادُ الْعُرْفِ بِحُصُولِهَا فِيهِ. وَثَالِثُهَا: أَنْ يَفْعَلَ الْعَاقِدُ مَا يُورِثُ ظَنَّ حُصُولَهَا.

فَالْأَوَّلُ:

[مِنْ أَسْبَابِ الظَّنِّ] : كَقَوْلِهِ: بِعْتُ هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ كَوْنِهِ كَاتِبًا. وَالصِّفَاتُ الْمُلْتَزَمَةُ بِالشَّرْطِ، قِسْمَانِ.

أَحَدُهُمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ، فَالْخُلْفُ فِيهَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ وِفَاقًا، أَوْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ، وَذَلِكَ بِحَسْبَ قُوَّةِ الْغَرَضِ وَضَعْفِهِ.

وَالثَّانِي لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ مَقْصُودٌ، فَاشْتِرَاطُهُ لَغْوٌ، وَلَا خِيَارَ بِفَقْدِهِ. فَإِذَا شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ كَاتِبًا أَوْ خَبَّازًا أَوْ صَائِغًا، فَهُوَ مِنَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ. وَيَكْفِي أَنْ يُوجَدَ مِنَ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ، وَلَا تُشْتَرَطُ النِّهَايَةُ فِيهَا.

وَلَوْ شَرَطَ إِسْلَامَ الْعَبْدِ، فَبَانَ كَافِرًا، أَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْجَارِيَةِ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً، فَبَانَتْ مَجُوسِيَّةً، ثَبَتَ الْخِيَارُ. وَلَوْ شَرَطَ كُفْرَهُ، فَبَانَ مُسْلِمًا، ثَبَتَ الْخِيَارُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: إِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ بِلَادِ الْكُفْرِ، أَوْ فِي نَاحِيَةٍ أَغْلَبُ أَهْلِهَا الذِّمِّيُّونَ، ثَبَتَ الْخِيَارُ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَا خِيَارَ أَصْلًا.

وَلَوْ شَرَطَ بَكَارَةَ الْجَارِيَةِ، فَبَانَتْ ثَيِّبًا، فَلَهُ الرَّدُّ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُزَوَّجَةً، أَمْ لَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا خِيَارَ إِنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً ; لِأَنَّ الِافْتِضَاضَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ. وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُطَلِّقُهَا. وَلَوْ شَرَطَ ثِيابَتَهَا، فَبَانَتْ بِكْرًا، أَوْ شَرَطَ سُبُوطَةَ شَعْرِهَا، فَبَانَ جَعْدًا، فَلَا خِيَارَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهَا أَفْضَلُ، كَمَا لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ أُمِّيًّا، فَبَانَ كَاتِبًا، أَوْ كَوْنَهُ فَاسِقًا، فَبَانَ عَفِيفًا.

وَلَوْ شَرَطَ الْجُعُودَةَ، فَبَانَ سِبْطًا، ثَبَتَ الْخِيَارُ. وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ خَصِيًّا، فَبَانَ فَحْلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>