فَصْلٌ
فِي الْوُقُوفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
لَهُ مُقَدِّمَةٌ.
فَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَحْضِرْ بِنَفْسِهِ الْحَجَّ أَنْ يُنَصِّبَ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِيجِ، فَيُطِيعُونَهُ فِيمَا يَنُوبُهُمْ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْحَجِيجِ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ. فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مُفْرِدًا أَوْ قَارِنًا، أَقَامَ بَعْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ عَلَى إِحْرَامِهِ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ إِلَى عَرَفَةَ. وَمَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا طَافَ وَسَعَى وَحَلَقَ، فَيَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ، ثُمَّ يُهِلُّ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي صُورَةِ التَّمَتُّعِ، وَكَذَا يَفْعَلُ الْمُقِيمُ بِمَكَّةَ. وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَوْ مَنْصُوبِهِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً وَاحِدَةً، يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْغُدُوِّ فِيهَا إِلَى مِنًى، وَيُخْبِرُهُمْ بِمَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمَنَاسِكِ، وَيَأْمُرُ الْمُتَمَتِّعِينَ أَنْ يَطُوفُوا لِلْوَدَاعِ قَبْلَ الْخُرُوجِ. وَلَوْ كَانَ السَّابِعُ يَوْمَ جُمُعَةٍ، خَطَبَ لَهَا وَصَلَّاهَا، ثُمَّ خَطَبَ هَذِهِ الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا التَّأْخِيرُ عَنِ الصَّلَاةِ. ثُمَّ يَخْرُجُ بِهِمْ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، وَهُوَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ إِلَى مِنًى، وَيَكُونُ خُرُوجُهُمْ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، بِحَيْثُ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِمِنًى، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.
وَفِي قَوْلٍ: يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ، فَإِنْ كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ يَوْمَ جُمُعَةٍ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَخْرُجُوا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَى حَيْثُ لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ كَمَا سَبَقَ، وَهُمْ لَا يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ بِمِنًى. وَكَذَا لَوْ كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، لَا يُصَلُّونَهَا، لَأَنَّ الْجُمُعَةَ شَرْطُهَا دَارُ الْإِقَامَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَإِنْ بُنِيَ بِهَا قَرْيَةٌ، وَاسْتَوْطَنَهَا أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ الْكَمَالِ، أَقَامُوا الْجُمُعَةَ وَالنَّاسُ مَعَهُمْ. فَإِذَا خَرَجُوا إِلَى مِنًى، صَلَّوْا بِهَا الصَّلَوَاتِ مَعَ الْإِمَامِ، وَبَاتُوا بِهَا. وَهَذَا الْمَبِيتُ سُنَّةٌ، وَلَيْسَ بِنُسُكٍ مَجْبُورٍ بِالدَّمِ. فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ عَرَفَةَ عَلَى ثَبِيرٍ سَارُوا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute