بَابٌ
الْأَوَانِي
هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.
الْأَوَّلُ: الْمُتَّخَذُ مِنْ جِلْدٍ، وَالْجِلْدُ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ فِي حَالَيْنِ. أَحَدُهُمَا: إِذَا ذُكِّيَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ، فَجِلْدُهُ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ كَلَحْمِهِ، وَلَوْ ذُكِّيَ غَيْرُ مَأْكُولٍ، فَجِلْدُهُ نَجِسٌ كَلَحْمِهِ.
قُلْتُ: وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارًا زَمَنًا، أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ، لِلتَّوَصُّلِ إِلَى دَبْغِ جِلْدِهِ، لَمْ يَجُزْ عِنْدَنَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُدْبَغَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ، فَيَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ، إِلَّا جِلْدَ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، وَفَرْعَهُمَا، فَإِنَّهُ لَا يَطْهُرُ قَطْعًا، وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَدِيمِ: إِنَّ الْآدَمِيَّ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَنَا وَجْهٌ شَاذٌّ مُنْكَرٌ فِي (التَّتِمَّةِ) أَنَّ جِلْدَ الْمَيْتَةِ لَا يَنْجُسُ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالدَّبْغِ لِإِزَالَةِ الزُّهُومَةِ، ثُمَّ قَالَ الْأَصْحَابُ: يُعْتَبَرُ فِي الدِّبَاغِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءٍ: نَزْعُ الْفُضُولِ، وَتَطْيِيبُ الْجِلْدِ، وَصَيْرُورَتُهُ بِحَيْثُ لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ، لَمْ يَعُدِ الْفَسَادُ وَالنَّتَنُ.
وَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى نَزْعِ الْفُضُولِ، لِاسْتِلْزَامِهِ الطِّيبَ وَالصَّيْرُورَةَ.
قَالُوا: وَيَكُونُ الدِّبَاغُ بِالْأَشْيَاءِ الْحَرِّيفَةِ، كَالشَّبِّ، وَالْقَرَظِ، وَقُشُورِ الرُّمَّانِ، وَالْعَفْصِ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِشَبٍّ أَوْ قَرَظٍ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَيَحْصُلُ بِمُتَنَجِّسٍ، وَبِنَجِسِ الْعَيْنِ، كَذَرْقِ حَمَامٍ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، وَلَا يَكْفِي التَّجْمِيدُ بِالتُّرَابِ، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute