خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الشِّقْصِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، فَهُنَا فِي مِثْلِ تِلْكَ الصُّورَةِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي نِصْفِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ قُلْنَا هُنَاكَ: يَصِحُّ فِي ثُلُثَيْهِ بِثُلُثَيِ الثَّمَنِ، فَهُنَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ، كَذَا ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ، كَالضَّرْبِ الْأَوَّلِ.
الضَّرْبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ وَارِثًا دُونَ الْمُشْتَرِي. فَإِنِ احْتَمَلَ الثُّلُثُ الْمُحَابَاةَ، أَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ، وَصَحَّحْنَا الْبَيْعَ فِي بَعْضِ الْمُحَابَاةِ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَمَكَّنَّا الشَّفِيعَ مِنْ أَخْذِهِ، فَهُنَا أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَأْخُذُهُ الْوَارِثُ بِالشُّفْعَةِ، لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مَعَ الْمُشْتَرِي لَا مَعَ الْوَارِثِ. وَالثَّانِي: يَصِحُّ وَلَا يَأْخُذُهُ الْوَارِثُ بِالشُّفْعَةِ. وَالثَّالِثُ: لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ أَصْلًا لِتَنَاقُضِ الْأَحْكَامِ. وَالرَّابِعُ: يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ مَا يُقَابِلُ الثَّمَنَ، وَيَبْقَى الْبَاقِي لِلْمُشْتَرِي مَجَّانًا. وَالْخَامِسُ: لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِلَّا فِي الْقَدْرِ الْمُقَابِلِ لِلثَّمَنِ.
فَصْلٌ
وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ تَقَدُّمَ مِلْكِ الْآخِذِ عَلَى مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ شَرْطٌ. فَلَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ دَارٌ اشْتَرَيَاهَا بِعَقْدَيْنِ، وَادَّعَى كُلٌّ أَنَّ شِرَاءَهُ سَبَقَ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى صَاحِبِهِ الشُّفْعَةَ، نُظِرَ، إِنِ ابْتَدَأَ أَحَدُهُمَا بِالدَّعْوَى، أَوْ جَاءَا مَعًا وَتَنَازَعَا فِي الْبَدَاءَةِ، فَقُدِّمَ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ فَادَّعَى، فَعَلَى الْآخَرِ الْجَوَابُ، وَلَا يَكْفِيهِ قَوْلُهُ: شِرَائِي قَبْلُ، لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَعْوَى، بَلْ إِمَّا أَنْ يَنْفِيَ سَبْقَ شِرَاءِ الْمُدَّعِي، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إِلَيْكَ، وَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ، فَإِنْ حَلَفَ، اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ ثُمَّ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ عَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ حَلَفَ، اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ أَيْضًا. وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا وَرُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ حَلَفَ، أَخَذَ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute