وَأَرَادَ أَنِّي أُجَامِعُكِ إِذَا أَرَدْتُ أَنَا، لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا، لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ، قَالَ: فَإِنْ أَطْلَقَ، فَفِي تَنْزِيلِهِ عَلَى تَعْلِيقِ الْإِيلَاءِ وَجْهَانِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ إِلَّا أَنْ تَشَائِي، أَوْ مَا لَمْ تَشَائِي، وَأَرَادَ الِاسْتِثْنَاءَ عَنِ الْيَمِينِ، أَوْ تَعْلِيقَهَا، فَفِي «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ يَكُونُ مُؤْلِيًا، لِأَنَّهُ حَلَفَ وَعَلَّقَ رَفْعَ الْيَمِينِ بِالْمَشِيئَةِ.
فَإِنْ شَاءَتْ أَنْ يُجَامِعَهَا عَلَى الْفَوْرِ، ارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ، وَإِنْ لَمْ تَشَأْ أَوْ شَاءَتْ بَعْدَ وَقْتِ الْمَشِيئَةِ، فَالْإِيلَاءُ بِحَالِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ حَتَّى يَشَاءَ زَيْدٌ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يُجَامِعَهَا قَبْلَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا، ارْتَفَعَتِ الْيَمِينُ، وَإِنْ لَمْ يَشَأِ الْمُجَامَعَةَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ، سَوَاءٌ شَاءَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا، أَمْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا، فَهَلْ يَكُونُ مُؤْلِيًا لِحُصُولِ الْإِضْرَارِ فِي الْمُدَّةِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ سَيَأْتِيَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي نَظَائِرِهَا.
وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ، صَارَ مُؤْلِيًا، ثُمَّ إِنْ قُلْنَا: فِي حَالِ حَيَاتِهِ إِذَا مَضَتِ الْمُدَّةُ بِلَا مَشِيئَةٍ يُجْعَلُ مُؤْلِيًا، فَهُنَا تُحْسَبُ الْمَدَّةُ مِنْ وَقْتِ اللَّفْظِ، فَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ بَعْدَ تَمَامِهَا، تَوَجَّهَتِ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَلَالِ. وَإِنْ قُلْنَا هُنَاكَ: لَا يُجْعَلُ مُؤْلِيًا، ضُرِبَتِ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ. وَلَوْ قَالَ: لَا أُجَامِعُكِ إِنْ شِئْتِ أَنْ أُجَامِعَكِ، فَإِنَّمَا يَصِيرُ مُؤْلِيًا إِذَا شَاءَتْ أَنْ يُجَامِعَهَا. وَفِي اعْتِبَارِ الْفَوْرِ، مَا سَبَقَ، وَإِذَا أَطْلَقَ قَوْلَهُ: إِنْ شِئْتِ، حَمَلْنَاهُ عَلَى عَدَمِ مَشِيئَتِهِ الْمُجَامَعَةَ، كَمَا سَبَقَ، لِأَنَّهُ السَّابِقُ إِلَى الْفَهْمِ.
فَصْلٌ
سَوَاءٌ فِي الْإِيلَاءِ حَالَةُ الرِّضَى وَالْغَضَبِ.
قَالَ: إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنَا زَانٍ، أَوْ فَأَنْتِ زَانِيَةٌ، لَمْ يَكُنْ مُؤْلِيًا، وَلَا يَصِيرُ بِوَطْئِهَا قَاذِفًا. قَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَيَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ، كَمَا لَوْ قَالَ: الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ زُنَاةٌ، وَلُزُومُ التَّعْزِيرِ لَا يَجْعَلُهُ مُؤْلِيًا، لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ اللَّفْظِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute