الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْمُدَّةُ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ أَبَدًا، أَوْ أَطْلَقَ، فَهُوَ مُؤْلٍ، وَإِنْ قَيَّدَ بِزَمَانٍ، فَهُوَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَدَّرَ الزَّمَانُ، فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَمَا دُونَهَا، فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ، وَالَّذِي جَرَى مِنْهُ يَمِينٌ أَوْ تَعْلِيقٌ كَمَا يَجْرِي فِي سَائِرِ الْأَفْعَالِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، كَانَ مُؤْلِيًا. قَالَ الْإِمَامُ: وَيَكْفِي فِي كَوْنِهِ مُؤْلِيًا أَنْ يَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَقَلَّ قَلِيلٍ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ بِحَيْثُ تَتَأَتَّى بِالْمُطَالَبَةِ فِي مِثْلِهَا.
فَإِذَا كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَحْظَةً لَطِيفَةً، لَمْ تَتَأَتَّ الْمُطَالَبَةُ لِأَنَّهَا إِذَا مَضَتْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَلَا مُطَالَبَةَ بَعْدَ انْحِلَالِ الْيَمِينِ. وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مُؤْلِيًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، أَنَّهُ يَأْثَمُ لِإِيذَائِهَا، وَقَطْعُ طَمَعِهَا فِي الْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَلَوْ حَلَفَ لَا يُجَامِعُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ أَعَادَ الْيَمِينَ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَهَكَذَا مَرَّاتٍ، فَلَا يَكُونُ مُؤْلِيًا قَطْعًا. وَلَوْ وَصَلَ الْيَمِينَ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَوَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَهَكَذَا مِرَارًا، فَلَيْسَ بِمُؤْلٍ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَهَلْ يَأْثَمُ الْمُوَالِي بَيْنَ هَذِهِ الْأَيْمَانِ كَمَا ذَكَرْنَا، فِيمَا إِذَا زَادَتِ الْيَمِينُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِلَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ، يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَأْثَمَ لِعَدَمِ الْإِيلَاءِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْثَمَ إِثْمَ الْإِيذَاءِ وَالْإِضْرَارِ، لَا إِثْمَ الْمُؤْلِينَ.
قُلْتُ: الرَّاجِحُ تَأْثِيمُهُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ، فَوَاللَّهِ لَا أُجَامِعُكِ سَنَةً، فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِمُوجِبِ الْيَمِينِ الْأُولَى، فَإِنْ أَخَّرَتِ الْمُطَالَبَةَ حَتَّى يَمْضِيَ الشَّهْرُ الْخَامِسُ، فَلَا مُطَالَبَةَ بِمُوجِبِ تِلْكَ الْيَمِينِ، لِانْحِلَالِهَا، وَإِنْ طَالَبَتْهُ فِي الْخَامِسِ، فَفَاءَ إِلَيْهَا، خَرَجَ عَنْ مُوجَبِ الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا مَضَى الْخَامِسُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute