للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنَاءً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنْ جَوَّزْنَا اتِّخَاذَهُ، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا، وَإِنْ مَنَعْنَاهُ، فَهُوَ كَإِتْلَافِ مَا لَا صَنْعَةَ لَهُ. وَلَوْ أَتْلَفَ مَا لَا صَنْعَةَ فِيهِ كَالتِّبْرِ وَالسَّبِيكَةِ. فَإِنْ قُلْنَا: هُوَ مِثْلِيٌّ، ضَمِنَ مِثْلَهُ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا كَسَائِرِ الْمُتَقَوَّمَاتِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْجَوَابَ كَذَلِكَ، إِلَّا إِذَا كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَانَتِ الْقِيمَةُ تَزِيدُ عَلَى الْوَزْنِ، فَحِينَئِذٍ يُقَوَّمُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَيَضْمَنُ بِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْعِرَاقِيِّينَ.

فَصْلٌ

إِذَا تَغَيَّرَ الْمَغْصُوبُ، فَقَدْ يَكُونُ مُتَقَوَّمًا ثُمَّ يَصِيرُ مِثْلِيًّا، وَعَكْسُهُ، وَمِثْلِيًّا فِيهِمَا، وَمُتَقَوَّمًا فِيهِمَا.

الْحَالُ الْأَوَّلُ: كَمَنْ غَصَبَ رَطْبًا وَقُلْنَا: إِنَّهُ مُتَقَوَّمٌ فَصَارَ تَمْرًا، ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ: يَضْمَنُ مِثْلَ التَّمْرِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ، وَأَشْبَهُهُمَا، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ: إِنْ كَانَ الرَّطْبُ أَكْثَرَ قِيمَةً لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِئَلَّا تَضِيعَ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ كَانَ التَّمْرُ أَكْثَرَ أَوِ اسْتَوَيَا لَزِمَهُ الْمِثْلُ، وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ مِثْلِ التَّمْرِ وَقِيمَةِ الرُّطَبِ.

الْحَالُ الثَّانِي: كَمَنْ غَصَبَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا، وَتَلِفَ الدَّقِيقُ عِنْدَهُ أَوْ جَعَلَهُ خُبْزًا وَأَتْلَفَهُ، وَقُلْنَا: لَا مِثْلَ لِلدَّقِيقِ وَالْخُبْزِ، أَوْ تَمْرًا وَاتَّخَذَ مِنْهُ خَلًّا بِالْمَاءِ، فَعَلَى قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ: يَضْمَنُ الْمِثْلَ وَهُوَ الْحِنْطَةُ وَالتَّمْرُ، وَعَلَى مَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيُّ: إِنْ كَانَ الْمُتَقَوَّمُ أَكْثَرَ قِيمَةً غَرِمَهَا، وَإِلَّا فَالْمِثْلُ، وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: يَغْرَمُ أَكْثَرَ الْقِيَمِ، وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ مُطَالَبَتُهُ بِالْمِثْلِ. فَعَلَى هَذَا إِذَا قِيلَ: مَنْ غَصَبَ حِنْطَةً فِي الْغَلَاءِ فَتَلِفَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ، ثُمَّ طَالَبَهُ الْمَالِكُ فِي الرُّخْصِ، فَهَلْ يُغَرِّمُهُ الْمِثْلَ أَوِ الْقِيمَةَ، لَمْ يَصِحَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>