للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاسْتِيفَاءِ، فَإِذَا اسْتُؤْجِرَ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ، أَوْ يَدٍ مُتَأَكِّلَةٍ، أَوْ لِاسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ، فَالْإِجَارَةُ صَحِيحَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا سَبَقَ، فَإِذَا زَالَ الْوَجَعُ، أَوْ عُفِيَ عَنِ الْقِصَاصِ، فَقَدْ أَطْلَقَ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ، وَفِيهِ كَلَامَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي هَذِهِ الْإِجَارَةِ مَضْبُوطَةٌ بِالْعَمَلِ دُونَ الزَّمَانِ، وَهُوَ غَيْرُ مَأْيُوسٍ مِنْهُ، لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْوَجَعِ، فَلْيَكُنْ زَوَالُ الْوَجَعِ كَغَصْبِ الْمُسْتَأْجَرَةِ حَتَّى يَثْبُتَ خِيَارُ الْفَسْخِ دُونَ الِانْفِسَاخِ. وَالثَّانِي: حَكَى الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَجْهًا أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ، بَلْ يَسْتَعْمِلُ الْأَجِيرُ فِي قَلْعِ مِسْمَارٍ أَوْ وَتَدٍ، وَيُرَاعَى تَدَانِي الْعَمَلَيْنِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ، وَالْقَوِيُّ مَا قِيلَ أَنَّ الْحُكْمَ بِالِانْفِسَاخِ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَوْفَى بِهِ لَا يُبَدَّلُ، فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ، أَمَرَهُ بِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعَةٍ لِغَيْرِهِ.

فَصْلٌ

إِذَا أَجَّرَ الْوَقْفَ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ، ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: تَبْقَى الْإِجَارَةُ بِحَالِهَا كَمَا لَوْ أَجَّرَ مِلْكَهُ فَمَاتَ. وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّ الْمَنَافِعَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِغَيْرِهِ، وَلَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَا نِيَابَةَ، ثُمَّ عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ بِالِانْفِسَاخِ وَعَدَمِهِ، فَفِي وَجْهٌ: يَنْفَسِخُ. وَفِي وَجْهٍ: لَا يَنْفَسِخُ، وَاسْتَبْعَدَهَا الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَطَائِفَةٌ، لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ يُشْعِرُ بِسَبْقِ الِانْعِقَادِ، وَجَعَلُوا الْخِلَافَ فِي أَنَّا هَلْ نَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانَ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ؟ ثُمَّ إِنْ أَبْقَيْنَا الْإِجَارَةَ، فَحِصَّةُ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنَ الْأُجْرَةِ تَكُونُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي، فَإِنْ أَتْلَفَهَا الْأَوَّلُ، فَهِيَ دَيْنٌ فِي تَرِكَتِهِ، وَلَيْسَ كَمَا لَوْ أَجَّرَ مِلْكَهُ وَمَاتَ فِي الْمُدَّةِ، حَيْثُ تَكُونُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ تَرِكَةً تُقْضَى مِنْهَا دُيُونُهُ وَتُنَفَّذُ وَصَايَاهُ، لِأَنَّ التَّصَرُّفَ وَرَدَ عَلَى خَالِصِ مِلْكِهِ، وَالْبَاقِيَ لَهُ بَعْدَ الْإِجَارَةِ رَقَبَةٌ مَسْلُوبَةُ الْمَنْفَعَةِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَتَنْتَقِلُ إِلَى الْوَارِثِ كَذَلِكَ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَبْقَى الْإِجَارَةُ، فَهَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>