فَصْلٌ
أَمَّا الْإِجَارَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى الذِّمَّةِ، فَلَا يَجُوزُ فِيهَا تَأْجِيلُ الْأُجْرَةِ، وَلَا الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا، وَلَا الْحَوَالَةُ بِهَا وَلَا عَلَيْهَا، وَلَا الْإِبْرَاءُ، بَلْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، لِأَنَّهُ سَلَمٌ فِي الْمَنَافِعِ، فَإِنْ كَانَتِ الْأُجْرَةُ مُشَاهَدَةً غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْقَدْرِ، فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ. هَذَا إِذَا تَعَاقَدَا بِلَفْظِ السَّلَمِ، بِأَنْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إِلَيْكَ هَذَا الدِّينَارَ فِي دَابَّةٍ تَحْمِلُنِي إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، فَإِنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ، بِأَنْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُ مِنْكَ دَابَّةً صِفَتُهَا كَذَا لِتَحْمِلَنِي إِلَى مَوْضِعِ كَذَا، فَوَجْهَانِ بَنَوْهُمَا عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاللَّفْظِ، أَمْ بِالْمَعْنَى؟ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ، وَأَبِي عَلِيٍّ، وَالْبَغَوِيِّ: أَنَّهُ كَمَا لَوْ عَقَدَا بِلَفْظِ السَّلَمِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمُ الْآخَرَ.
فَرْعٌ
يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ مَنْفَعَةً، سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْجِنْسُ، كَمَا إِذَا أَجَّرَ دَارًا بِمَنْفَعَةِ دَارٍ، أَوِ اخْتَلَفَ، بِأَنْ أَجَّرَهَا بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ. وَلَا رِبًا فِي الْمَنَافِعِ أَصْلًا، حَتَّى لَوْ أَجَّرَ دَارًا بِمَنْفَعَةِ دَارَيْنِ، أَوْ أَجَّرَ حُلِيَّ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ، جَازَ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ.
لَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْأُجْرَةَ شَيْئًا يَحْصُلُ بِعَمَلِ الْأَجْنَبِيِّ، كَمَا لَوِ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ لِيَسْلَخَ الشَّاةَ بِجِلْدِهَا، أَوِ الطَّحَّانَ لِيَطْحَنَ الْحِنْطَةَ بِثُلْثِ دَقِيقِهَا، أَوْ بِصَاعٍ مِنْهُ، أَوْ بِالنُّخَالَةِ، أَوِ الْمُرْضِعَةَ بِجُزْءٍ مِنَ الرَّقِيقِ الْمُرْتَضِعِ بَعْدَ الْفِطَامِ، أَوْ قَاطِفَ الثِّمَارِ بِجُزْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute