الدُّيُونُ أَقَلَّ، وَكَانَتْ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ مَصِيرُهَا إِلَى النَّقْصِ أَوِ الْمُسَاوَاةِ، لِكَثْرَةِ النَّفَقَةِ. وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ. وَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْمُسَاوَاةِ، فَهَلْ لِمَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ الرُّجُوعُ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ. وَالثَّانِي: لَا، لِتَمَكُّنِهُ مِنَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ بِكَمَالِهِ. وَهَلْ تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَعْيَانُ فِي حِسَابِ أَمْوَالِهِ، وَأَثْمَانُهَا فِي حِسَابِ دُيُونِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْإِدْخَالُ.
فَصْلٌ
وَإِذَا حَجَرَ عَلَيْهِ، اسْتُحِبَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ، لِيَحْذَرَ النَّاسُ مُعَامَلَتَهُ. وَإِذَا حَجَرَ، امْتَنَعَ مِنْهُ كُلُّ تَصَرُّفٍ مُبْتَدَأٍ يُصَادِفُ الْمَالَ الْمَوْجُودَ عِنْدَ الْحَجْرِ، فَهَذِهِ قُيُودٌ. الْأَوَّلُ: كَوْنُ التَّصَرُّفِ مُصَادِفًا لِلْمَالِ. وَالتَّصَرُّفُ ضَرْبَانِ. إِنْشَاءٌ، وَإِقْرَارٌ.
الْأَوَّلُ: الْإِنْشَاءُ، وَهُوَ قِسْمَانِ. أَحَدُهُمَا: يُصَادِفُ الْمَالَ، وَيَنْقَسِمُ إِلَى تَحْصِيلٍ، كَالِاحْتِطَابِ وَالِاتِّهَابِ، وَقَبُولِ الْوَصِيَّةِ، وَلَا مَنْعَ مِنْهُ قَطْعًا ; لِأَنَّهُ كَامِلُ الْحَالِ. وَغَرَضُ الْحَجْرِ: مَنْعُهُ مِمَّا يَضُرُّ الْغُرَمَاءَ وَإِلَى تَفْوِيتٍ، فَيُنْظَرُ، إِنْ تَعَلَّقْ بِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ وَالْوَصِيَّةُ، صَحَّ، فَإِنْ فَضَلَ الْمَالُ، نُفِّذَ، وَإِلَّا، فَلَا. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْرِدُهُ عَيْنَ مَالٍ، وَإِمَّا فِي الذِّمَّةِ، فَهُمَا نَوْعَانِ. الْأَوَّلُ: كَالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِعْتَاقِ، وَالْكِتَابَةِ، وَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ، إِنْ فَضَلَ مَا يَصْرِفُ فِيهِ عَنِ الدَّيْنِ لِارْتِفَاعِ الْقِيمَةِ، أَوْ إِبْرَاءٌ، نَفَّذْنَاهُ، وَإِلَّا، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ لَغْوًا. وَأَظْهَرُهُمَا: لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالْأَعْيَانِ، كَالرَّهْنِ. ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي مَحَلِّ الْقَوْلَيْنِ، فَقِيلَ: هُمَا فِيمَا إِذَا اقْتَصَرَ الْحَاكِمُ عَلَى الْحَجْرِ، وَلَمْ يَجْعَلْ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ حَيْثُ وَجَدُوهُ. فَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُنَفَّذْ تَصَرُّفُهُ قَطْعًا، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا جَعَلَ مَالَهُ لِغُرَمَائِهِ، فَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute