للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

لَوْ قَالَ: جَعَلْتُ هَذَا الْمَكَانَ مَسْجِدًا، صَارَ مَسْجِدًا عَلَى الْأَصَحِّ، لِإِشْعَارِهِ بِالْمَقْصُودِ وَاشْتِهَارِهِ فِيهِ. وَقَطَعَ الْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ وَالْمُتَوَلِّي، وَالْبَغَوِيُّ، بِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا، لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَقْفِ.

قَالَ الْأُسْتَاذُ: فَإِنْ قَالَ: جَعَلْتُهُ مَسْجِدًا لِلَّهِ تَعَالَى، صَارَ مَسْجِدًا.

وَحَكَى الْإِمَامُ خِلَافًا لِلْأَصْحَابِ فِي اسْتِعْمَالِ لَفْظِ الْوَقْفِ فِيمَا يُضَاهِي التَّجْرِيدَ، كَقَوْلِهِ: وَقَفْتُ هَذِهِ الْبُقْعَةَ عَلَى صَلَاةِ الْمُصَلِّينَ، وَهُوَ يُرِيدُ جَعْلَهَا مَسْجِدًا، وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ.

فَصْلٌ

إِذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ، كَالْفُقَرَاءِ، وَعَلَى الْمَسْجِدِ، وَالرِّبَاطِ، لَمْ يُشْتَرَطِ الْقَبُولُ. وَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُ هَذَا لِلْمَسْجِدِ، فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَا وَقْفٌ، فَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْقَيِّمِ، وَقَبْضُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَ شَيْئًا لِصَبِيٍّ.

وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى شَخْصٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَآخَرِينَ: اشْتِرَاطُ الْقَبُولِ.

فَعَلَى هَذَا، فَلْيَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ.

وَالثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ كَالْعِتْقِ، وَبِهِ قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ. قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَا يَحْتَاجُ لُزُومُ الْوَقْفِ إِلَى الْقَبُولِ، لَكِنْ لَا يُمَلَّكُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالِاخْتِيَارِ، وَيَكْفِي الْأَخْذُ دَلِيلًا عَلَى الِاخْتِيَارِ.

وَخَصَّ الْمُتَوَلِّي الْوَجْهَيْنِ بِقَوْلِنَا: يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْمَوْقُوفِ إِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ قَطْعًا.

قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي «الْمُحَرَّرِ» الِاشْتِرَاطَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَسَوَاءٌ شَرَطْنَا الْقَبُولَ أَمْ لَا، لَوْ رَدَّهُ بَطَلَ حَقُّهُ كَالْوَصِيَّةِ، وَالْوَكَالَةِ وَشَذَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>