بِهِ الْجُمْهُورُ. وَفِي وَجْهٍ: كُلُّ هَذَا كِنَايَةٌ، وَفِي وَجْهٍ: الْوَقْفُ صَرِيحٌ، وَالْبَاقِي كِنَايَةٌ، وَفِي وَجْهٍ: التَّسْبِيلُ كِنَايَةٌ وَالْبَاقِي صَرِيحٌ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: حَرَّمْتُ هَذِهِ الْبُقْعَةَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ أَبَّدْتُهَا، أَوْ دَارِي مُحَرَّمَةٌ، أَوْ مُؤَبَّدَةٌ، كِنَايَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهَا لَا تُسْتَعْمَلُ إِلَّا مُؤَكِّدَةً لِلْأُولَى.
الثَّالِثَةُ: تَصَدَّقْتُ بِهَذِهِ الْبُقْعَةِ، لَيْسَ بِصَرِيحٍ، فَإِنْ زَادَ مَعَهُ شَيْئًا، فَالزِّيَادَةُ لَفْظٌ، أَوْ نِيَّةٌ، فَأَمَّا اللَّفْظُ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: إِنْ قَرَنَ بِهِ بَعْضَ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ، بِأَنْ قَالَ: صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ، أَوْ مُحَبَّسَةٌ، أَوْ مَوْقُوفَةٌ، أَوْ قَرَنَ بِهِ حُكْمَ الْوَقْفِ، فَقَالَ: صَدَقَةٌ لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، الْتَحَقَ بِالصَّرِيحِ، لِانْصِرَافِهِ بِهَذَا عَنِ التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ.
وَالثَّانِي: لَا يَكْفِي قَوْلُهُ: صَدَقَةٌ مُحَرَّمَةٌ، أَوْ مُؤَبَّدَةٌ، بَلْ لَا بُدَّ مِنَ التَّقْيِيدِ بِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ، وَلَا تُوهَبُ، وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَعْتَبِرَ هَذَا الْقَائِلُ فِي قَوْلِهِ: صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مِثْلَ هَذَا التَّقْيِيدِ.
وَالثَّالِثُ: لَا يَكُونُ صَرِيحًا بِلَفْظٍ مَا، لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي التَّمْلِيكِ الْمَحْضِ. وَأَمَّا النِّيَّةُ، فَإِنْ أَضَافَ إِلَى جِهَةٍ عَامَّةٍ بِأَنْ قَالَ: تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَوَى الْوَقْفَ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَلْتَحِقُ بِاللَّفْظِ فِي الصَّرْفِ عَنْ صَرِيحِ الصَّدَقَةِ إِلَى غَيْرِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: تَلْتَحِقُ فَيَصِيرُ وَقْفًا.
وَإِنْ أَضَافَ إِلَى مُعَيَّنٍ، فَقَالَ: تَصَدَّقْتُ عَلَيْكَ، أَوْ قَالَهُ لِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ، لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَى الصَّحِيحِ، بَلْ يَنْفُذُ فِيمَا هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ، وَهُوَ التَّمْلِيكُ الْمَحْضُ، كَذَا قَالَهُ الْإِمَامُ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: تَجْرِيدُ لَفْظِ الصَّدَقَةِ عَنِ الْقَرَائِنِ اللَّفْظِيَّةِ يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِي الْجِهَاتِ الْعَامَّةِ، وَلَا يُمْكِنُ فِي مُعَيَّنِينَ إِذَا لَمْ نُجَوِّزِ الْوَقْفَ الْمُنْقَطِعَ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى بَيَانِ الْمَصَارِفِ بَعْدَ الْمُعَيَّنِينَ، وَحِينَئِذٍ فَالْمَأْتِيُّ بِهِ لَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُ الْوَقْفِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: تَصَدَّقْتُ بِهِ صَدَقَةً مُحَرَّمَةً، أَوْ مَوْقُوفَةً، لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْوَقْفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute