فَصْلٌ
فِي أَحْكَامِ الطَّوَافِ
لِلطَّوَافِ بِأَنْوَاعِهِ وَظَائِفُ وَاجِبَةٌ، وَأُخْرَى مَسْنُونَةٌ. فَالْوَاجِبُ: ثَمَانِيَةٌ مُخْتَلَفٌ فِي بَعْضِهَا.
الْأَوَّلُ: الطَّهَارَةُ عَنِ الْحَدَثِ، وَالنَّجَسِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ. فَلَوْ طَافَ مُحْدِثًا، أَوْ عَارِيًا، أَوْ عَلَى بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ يَطَأُ فِي مَطَافِهِ النَّجَاسَةَ. وَلَمْ أَرَ لِلْأَئِمَّةِ تَشْبِيهَ مَكَانِ الطَّوَافِ بِالطَّرِيقِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ مَاشِيًا أَوْ رَاكِبًا، وَهُوَ تَشْبِيهٌ لَا بَأْسَ بِهِ. وَلَوْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ عَمْدًا، لَزِمَهُ الْوُضُوءُ. وَهَلْ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ طَوَافِهِ، أَمْ يَسْتَأْنِفُ؟ قَوْلَانِ. وَقِيلَ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَهُ الْبِنَاءُ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ الِاسْتِئْنَافُ. فَلَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَبْنِي الْعَامِدُ، فَهَذَا أَوْلَى وَإِلَّا فَقَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ. الْأَصَحُّ: الْبِنَاءُ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ. فَإِنْ طَالَ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَحَيْثُ لَا نُوجِبُ الِاسْتِئْنَافَ، نَسْتَحِبُّهُ.
الْوَاجِبُ الثَّانِي: التَّرْتِيبُ، وَهُوَ أَنْ يَبْتَدِئَ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَيُحَاذِيَهُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، وَيَمُرَّ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَالْبَيْتُ عَلَى يَسَارِهِ. فَلَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ وَمَرَّ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ، لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ. فَلَوْ لَمْ يَجْعَلْهُ عَلَى يَمِينِهِ وَلَا عَلَى يَسَارِهِ، بَلِ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ مُعْتَرِضًا، أَوْ جَعَلَ الْبَيْتَ عَلَى يَمِينِهِ، وَمَشَى قَهْقَرَى نَحْوَ الْبَابِ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَصِحُّ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِعِبَارَةِ الْأَكْثَرِينَ. وَالْقِيَاسُ جَرَيَانُ هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ مَرَّ مُعْتَرِضًا مُسْتَدْبِرًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute