قُلْتُ: الصَّوَابُ: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَإِنَّهُ مُنَابِذٌ لِمَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِهِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوِ ابْتَدَأَ مِنْ غَيْرِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، لَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَيَكُونَ مِنْهُ ابْتِدَاءُ الطَّوَافِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَمُرَّ فِي الِابْتِدَاءِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَلَا يُقَدِّمُ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهِ عَلَى جُزْءٍ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ. فَلَوْ حَاذَاهُ بِبَعْضِ بَدَنِهِ، وَكَانَ بَعْضُهُ مُجَاوِزًا إِلَى جَانِبِ الْبَابِ، فَقَوْلَانِ.
الْجَدِيدُ: أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الطَّوْفَةِ. وَالْقَدِيمُ: يُعْتَدُّ بِهَا. وَجَعَلَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ هَذَا الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَا، بَلْ هُمَا قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ، حَكَاهُمَا الْأَصْحَابُ. وَلَوْ حَاذَى بِجَمِيعِ الْبَدَنِ بَعْضَ الْحَجَرِ دُونَ بَعْضِهِ، أَجْزَأَهُ، ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ. كَمَا يُجْزِئُهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ فِي الصَّلَاةِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ بَعْضَ الْكَعْبَةِ.
الْوَاجِبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ خَارِجًا بِجَمِيعِ بَدَنِهِ عَنْ جَمِيعِ الْبَيْتِ. فَلَوْ مَشَى عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، لَمْ يَصِحَّ طَوَافُهُ فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْبَيْتِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَدُورَ فِي طَوَافِهِ حَوْلَ الْحِجْرِ وَهُوَ الْمَحُوطُ بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ بِجِدَارٍ قَصِيرٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الرُّكْنَيْنِ فَتْحَةٌ. وَكَلَامُ كَثِيرٍ مِنَ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي كَوْنَ جَمِيعِهِ مِنَ الْبَيْتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» . لَكِنَّ الصَّحِيحَ: أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الَّذِي هُوَ مِنَ الْبَيْتِ قَدْرُ سِتِّ أَذْرُعٍ تَتَّصِلُ بِالْبَيْتِ. وَقِيلَ: سِتُّ أَذْرُعٍ، أَوْ سَبْعٌ. وَلَفْظُ «الْمُخْتَصَرِ» مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا. فَلَوْ دَخَلَ إِحْدَى الْفَتْحَتَيْنِ، وَخَرَجَ مِنَ الْأُخْرَى، لَمْ يُحْسَبْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا مَا بَعْدَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْفَتْحَةِ الَّتِي دَخَلَ مِنْهَا بِلَا خِلَافٍ. وَلَوْ لَمْ يَدْخُلِ الْفَتْحَةَ، وَخَلَّفَ الْقَدْرَ الَّذِي مِنَ الْبَيْتِ، ثُمَّ اقْتَحَمَ الْجِدَارَ، وَقَطَعَ الْحَجَرَ عَلَى السَّمْتِ، صَحَّ طَوَافُهُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الطَّوَافُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحِجْرِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَنْصُوصِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute