فَصْلٌ
صَوْمُ التَّطَوُّعِ، مِنْهُ مَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ السِّنِينَ، وَمِنْهُ مَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الشُّهُورِ، وَمِنْهُ مَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ الْأُسْبُوعِ. فَمِنَ الْأَوَّلِ، يَوْمُ عَرَفَةَ، فَيُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ لِغَيْرِ الْحَجِيجِ، وَيَنْبَغِي لِلْحَجِيجِ فِطْرُهُ. وَأَطْلَقَ كَثِيرُونَ كَرَاهَةَ صَوْمِهِ لَهُمْ.
فَإِنْ كَانَ شَخْصٌ لَا يَضْعُفُ بِالصَّوْمِ عَنِ الدُّعَاءِ وَأَعْمَالِ الْحَجِّ، فَفِي «التَّتِمَّةِ» أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ الصَّوْمُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْأَوْلَى أَنْ لَا يَصُومَ بِحَالٍ.
قُلْتُ: قَالَ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ: يَوْمُ عَرَفَةَ أَفْضَلُ أَيَّامِ السَّنَةِ. وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ «الطَّلَاقِ» التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ مَعَ غَيْرِهِ، فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى أَفْضَلِ الْأَيَّامِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهُ يَوْمُ عَاشُورَاءَ، وَهُوَ عَاشِرُ الْمُحَرَّمِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَ مَعَهُ تَاسُوعَاءَ، وَهُوَ التَّاسِعُ. وَفِيهِ مَعْنَيَانِ. أَحَدُهُمَا: الِاحْتِيَاطُ حَذَرًا مِنَ الْغَلَطِ فِي الْعَاشِرِ.
وَالثَّانِي: مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ يَصُومُونَ الْعَاشِرَ فَقَطْ. فَعَلَى هَذَا، لَوْ لَمْ يَصُمِ التَّاسِعَ مَعَهُ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَصُومَ الْحَادِي عَشَرَ.
وَمِنْهُ سِتَّةُ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَصُومَهَا مُتَتَابِعَةً مُتَّصِلَةً بِالْعِيدِ.
وَمِنَ الثَّانِي: أَيَّامُ الْبِيضِ، وَهِيَ: الثَّالِثَ عَشَرَ، وَالرَّابِعَ عَشَرَ، وَالْخَامِسَ عَشَرَ.
قُلْتُ: هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ فِيهَا. وَلَنَا وَجْهٌ غَرِيبٌ حَكَاهُ الصَّيْمَرِيُّ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، وَصَاحِبُ «الْبَيَانِ» : أَنَّ الثَّانِيَ عَشَرَ بَدَلُ الْخَامِسَ عَشَرَ، فَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُهُمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنَ الثَّالِثِ: يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ. وَيُكْرَهُ إِفْرَادُ الْجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ، وَإِفْرَادُ السَّبْتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute