عَصًا، أَوْ صَارَ يَمْشِي مُحْدَوْدِبًا. وَلَوْ كُسِرَ صُلْبُهُ، وَشُلَّتْ رِجْلُهُ، قَالَ الْمُتَوَلِّي: يَلْزَمُهُ دِيَةٌ لِفَوَاتِ الْمَشْيِ، وَحُكُومَةٌ لِكَسْرِ الظَّهْرِ.
بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَتِ الرِّجْلُ سَلِيمَةً لَا يَجِبُ مَعَ الدِّيَةِ حُكُومَةٌ، لِأَنَّ الْمَشْيَ مَنْفَعَةٌ فِي الرِّجْلِ؛ فَإِذَا شُلَّتِ الرِّجْلُ فَفَوَاتُ الْمَنْفَعَةِ لِشَلَلِ الرِّجْلِ، فَأَفْرَدَ كَسْرَ الصُّلْبِ بِحُكُومَةٍ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ سَلِيمَةً، فَفَوَاتُ الْمَشْيِ لِخَلَلِ الصُّلْبِ، فَلَا يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ.
وَيُوَافِقُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، أَنَّهُ لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَشُلَّ ذَكَرُهُ، تَجِبُ حُكُومَةُ الْكَسْرِ وَدِيَةٌ لِشَلَلِ الذَّكَرِ. وَفِي هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ مُجَرَّدَ الْكَسْرِ لَا يُوجِبُ الدِّيَةَ، وَإِنَّمَا تَجِبُ الدِّيَةُ إِذَا فَاتَ بِهِ الْمَشْيُ، أَوِ الْمَاءُ أَوِ الْجِمَاعُ كَمَا سَبَقَ.
وَإِذَا ادَّعَى ذَهَابَ الْمَشْيِ، فَكَذَّبَهُ الْجَانِي، امْتُحِنَ، بِأَنْ يُقْصَدَ بِالسَّيْفِ فِي غَفْلَتِهِ؛ فَإِنْ تَحَرَّكَ وَمَشَى، عَلِمْنَا كَذِبَهُ، وَإِلَّا فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ، وَلَوْ أَذْهَبَ كَسْرَ الصُّلْبِ مَشْيَهُ وَمَنِيَّهُ، أَوْ مَشْيَهُ وَجِمَاعَهُ، وَجَبَتْ دِيَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: دِيَةٌ.
فَصْلٌ
قَدْ ذَكَرْنَا الدِّيَاتِ فِي الْجُرُوحِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْمَنَافِعِ مُفَصَّلَةً؛ فَيَجُوزُ أَنْ تَجْتَمِعَ فِي شَخْصٍ دِيَاتٌ كَثِيرَةٌ، بِأَنْ تُزَالَ مِنْهُ أَعْضَاءٌ وَمَنَافِعُ، وَلَا يَسْرِي إِلَى النَّفْسِ، بَلْ تَنْدَمِلُ، وَهَذَا بَيَانُ الدِّيَاتِ.
الْأُذُنَانِ أَوْ إِبْطَالُ إِحْسَاسِهِمَا، الْعَيْنَانِ أَوِ الْبَصَرُ، الْأَجْفَانُ، الْمَارِنُ، الشَّفَتَانِ، اللِّسَانُ أَوِ النُّطْقُ، الْأَسْنَانُ، اللِّحْيَانِ، الْيَدَانِ، الرِّجْلَانِ، الذَّكَرُ، الْأُنْثَيَانِ أَوِ الْحَلَمَتَانِ وَالشَّفْرَانِ، الْأَلْيَانِ، الْعَقْلُ، السَّمْعُ، الشَّمُّ، الصَّوْتُ، الذَّوْقُ، الْمَضْغُ، الْإِمْنَاءُ أَوِ الْإِحْبَالُ، إِبْطَالُ لَذَّةِ الْجِمَاعِ، إِبْطَالُ لَذَّةِ الطَّعَامِ، الْإِفْضَاءُ فِي الْمَرْأَةِ، الْبَطْشُ، الْمَشْيُ.
وَقَدْ يُضَافُ إِلَيْهَا الْمَوَاضِحُ وَسَائِرُ الشَّجَّاتِ، وَالْجَوَائِفُ وَالْحُكُومَاتُ، فَيَجْتَمِعُ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَا يَنْحَصِرُ؛ فَإِذَا انْدَمَلَتْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ، وَجَبَ جَمِيعُ هَذِهِ الدِّيَاتِ، وَإِنْ سَرَتْ فَمَاتَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute