للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ ضَمَانِ إِتْلَافِ الْإِمَامِ

وَحُكْمُ الصِّيَالِ وَإِتْلَافِ الْبَهَائِمِ

فِيهِ ثَلَاثَةٌ أَبْوَابٍ.

الْأَوَّلُ: فِي ضَمَانٍ يُلْزِمُ الْوُلَاةَ بِتَصَرُّفَاتِهِمْ وَفِيهِ طَرَفَانِ، الْأَوَّلُ فِي مُوجِبِ الضَّمَانِ، وَالثَّانِي فِي مَحَلِّهِ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَا يُفْضِي إِلَى الْهَلَاكِ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوُلَاةِ أَنْوَاعٌ: أَحَدُهَا: التَّعْزِيرُ، فَإِذَا مَاتَ مِنْهُ الْمُعَزَّرُ، وَجَبَ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِالْهَلَاكِ أَنَّهُ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ، وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إِذَا عُزِّرَ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ إِذَا طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ فَصَارَ كَالْحَدِّ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَيَجِبُ الضَّمَانُ أَيْضًا فِي تَعْزِيرِ الزَّوْجِ وَالْمُعَلِّمِ إِذَا أَفْضَى إِلَى الْهَلَاكِ، سَوَاءٌ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ بِإِذْنِ أَبِيهِ، أَوْ دُونَ إِذْنِهِ، لَكِنْ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا، فَضَرَبَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَذِنَ فِي قَتْلِهِ، فَقَتَلَهُ، لَمْ يَضْمَنْهُ، ثُمَّ الضَّمَانُ الْوَاجِبُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الزَّوْجِ وَالْمُعَلِّمِ، وَفِي حَقِّ الْإِمَامِ هَلْ هُوَ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ؟ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَيَعُودُ أَيْضًا - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - لَكِنْ لَوْ أَسْرَفَ الْمُعَزِّرُ، وَظَهَرَ مِنْهُ قَصْدُ الْقَتْلِ، تَعَلَّقَ بِهِ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ الْمُغْلَظَةُ فِي مَالِهِ.

الثَّانِي: الْحَدُّ، وَالْحُدُودُ فِي غَيْرِ الشُّرْبِ مَقَدَّرَةٌ بِالنَّصِّ، فَمَنْ مَاتَ مِنْهَا، فَالْحَقُّ قَتْلُهُ، فَلَا ضَمَانَ، لَكِنْ لَوْ أُقِيمَ الْحَدُّ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ، فَفِي الضَّمَانِ خِلَافٌ سَبَقَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ أَيْضًا، وَأَمَّا حَدُّ الشُّرْبِ، فَإِنْ ضُرِبَ بِالنِّعَالِ وَأَطْرَافِ الثِّيَابِ فَمَاتَ مِنْهَا، فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُحَدَّ هَكَذَا؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>