فَإِنْ أَرَادُوا الصَّلَاةَ عَلَيْهِ، صَلَّوْا بَعْدَ دَفْنِهِ عَلَى قَبْرِهِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ صُلِّيَ عَلَيْهِ. وَقَدْ أَلْحَقْتُ فِي هَذَا الْبَابِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، وَبَقِيَتْ مِنْهَا نَفَائِسُ وَمُتَمِّمَاتٌ اسْتَقْصَيْتُهَا فِي (شَرْحِ الْمُهَذَّبِ) تَرَكْتُهَا لِكَثْرَةِ الْإِطَالَةِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
بَابٌ
التَّعْزِيَةُ
هِيَ سُنَّةٌ، وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُعَزِّيَ جَمِيعَ أَهْلِ الْمَيِّتِ، الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، لَكِنْ لَا يُعَزِّي الشَّابَّةَ إِلَّا مَحَارِمُهَا، وَسَوَاءٌ فِي أَصْلِ شَرْعِيَّتِهَا، مَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ، وَبَعْدَهُمَا، لَكِنَّ تَأْخِيرَهَا إِلَى مَا بَعْدَ الدَّفْنِ أَحْسَنُ، لِاشْتِغَالِ أَهْلِ الْمَيِّتِ بِتَجْهِيزِهِ.
قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: إِلَّا أَنْ يَرَى مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ جَزَعًا شَدِيدًا، فَيَخْتَارُ تَقْدِيمَ التَّعْزِيَةِ لِيُصَبِّرَهُمْ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
ثُمَّ تَمْتَدُّ التَّعْزِيَةُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَلَا يُعَزَّى بَعْدَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعَزِّي، أَوِ الْمُعَزَّى غَائِبًا. وَفِي وَجْهٍ: يُعَزِّيهِ أَبَدًا، وَهُوَ شَاذٌّ. وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ، الْأَوَّلُ. ثُمَّ الثَّانِيَةُ لِلتَّقْرِيبِ.
فَرْعٌ
مَعْنَى التَّعْزِيَةِ: الْأَمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْلُ عَلَيْهِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْوِزْرِ بِالْجَزَعِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ، فَيَقُولُ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ. وَفِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute