بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا، وَالثَّانِي: يُرَاعِي الْأَغْبَطَ لِلْمَسَاكِينِ، وَالثَّالِثُ: يَتَعَيَّنُ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّهَا أَرْفَقُ، وَالرَّابِعُ: يُقَوِّمُ بِالنَّقْدِ الْغَالِبِ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إِلَيْهِ.
الْحَالُ الْخَامِسُ: أَنْ يَمْلِكَ بِالنَّقْدِ وَغَيْرِهِ بِأَنِ اشْتَرَى بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَرْضِ قِنْيَةٍ، فَمَا قَابَلَ الدَّرَاهِمَ يُقَوَّمُ بِهَا، وَمَا قَابَلَ الْعَرْضَ، يُقَوَّمُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ. فَإِنْ كَانَ النَّقْدُ دُونَ النِّصَابِ، عَادَ الْوَجْهَانِ. كَمَا يَجْرِي التَّقْسِيطُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، يَجْرِي عِنْدَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى بِنِصَابٍ مِنَ الدَّنَانِيرِ بَعْضُهَا صَحِيحٌ وَبَعْضُهَا مُكَسَّرٌ، وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، فَيُقَوَّمُ مَا يَخُصُّ الصَّحِيحَ بِالصِّحَاحِ، وَمَا يَخُصُّ الْمُكَسَّرَ بِالْمُكَسَّرِ.
فَصْلٌ
تَصَرُّفُ التَّاجِرِ فِي مَالِ التِّجَارَةِ بِالْبَيْعِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَبْلَ الْأَدَاءِ، قِيلَ: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا. وَقِيلَ: إِنْ قُلْنَا: يُؤَدِّي الزَّكَاةَ مِنْ عَيْنِ الْعَرْضِ، فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ، وَإِنْ قُلْنَا: يُؤَدِّي مِنَ الْقِيمَةِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ وَجَبَتْ شَاةٌ فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ فَبَاعَهَا. وَهَذَانَ الطَّرِيقَانِ شَاذَّانِ. وَالْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: الْقَطْعُ بِجَوَازِ الْبَيْعِ، ثُمَّ سَوَاءٌ بَاعَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ أَوْ بِقَصْدِ اقْتِنَاءِ الْعَرْضِ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِهِ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ صَارَ مَالَ قِنْيَةٍ، فَهُوَ كَمَا لَوْ نَوَى الِاقْتِنَاءَ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ. فَلَوْ وَهَبَ مَالَ التِّجَارَةِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهَا، فَهُوَ كَبَيْعِ الْمَاشِيَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالْإِعْتَاقَ يُبْطِلَانِ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ. كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ يُبْطِلُ مُتَعَلِّقَ زَكَاةِ الْعَيْنِ. وَلَوْ بَاعَ مَالَ التِّجَارَةِ مُحَابَاةً، فَقَدْرُ الْمُحَابَاةِ كَالْمَوْهُوبِ، فَإِنْ لَمْ نُصَحِّحِ الْهِبَةَ، بَطَلَ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ، وَخُرِّجَ فِي الْبَاقِي عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute