فِي بَابِ [تَفْرِيقِ] الصَّفْقَةِ، أَنَّ الْبَائِعَ إِذَا قَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ، هَلْ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ قِسْطِهِ مِنَ الْمَبِيعِ؟ وَوَجْهٌ فِي جَوَازِ أَخْذِ الْوَكِيلِ لِأَحَدِهِمَا وَحْدَهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ إِذَا بَاعَاهُ، هَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَفَرَّدَ بِأَخْذِ نَصِيبِهِ.
بَابٌ.
بَيَانُ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تُطْلَقُ فِي الْبَيْعِ وَتَتَأَثَّرُ بِالْقَرَائِنِ الْمُنْضَمَّةِ إِلَيْهَا.
هِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ، رَاجِعَةٌ إِلَى مُطْلَقِ الْعَقْدِ، وَإِلَى الثَّمَنِ، وَإِلَى الْمَبِيعِ. .
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ لَفْظَانِ. أَحَدُهُمَا: التَّوْلِيَةُ، وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا، ثُمَّ يَقُولَ لِغَيْرِهِ: وَلَّيْتُكَ هَذَا الْعَقْدَ، فَيَجُوزُ. وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ فِي الْمَجْلِسِ عَلَى عَادَةِ التَّخَاطُبِ، بِأَنْ يَقُولَ: قَبِلْتُ، أَوْ تَوَلَّيْتُ، وَيَلْزَمُهُ مِثْلُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَدْرًا وَصِفَةً، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ إِذَا عَلِمَاهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي، أَعْلَمَهُ بِهِ ثُمَّ وَلَّاهُ. وَهِيَ نَوْعُ بَيْعٍ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّقَابُضِ إِذَا كَانَ صَرْفًا، وَسَائِرُ الشُّرُوطِ، وَلَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَالزَّوَائِدُ الْمُنْفَصِلَةُ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ تَبَقَى لِلْمُوَلِّي، وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَعَفَا الشَّفِيعُ، تَجَدَّدَتِ الشُّفْعَةُ بِالتَّوْلِيَةِ. وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ بَعْضَ الثَّمَنِ، انْحَطَّ عَلَى الْمُوَلَّى أَيْضًا. وَلَوْ حَطَّ الْكُلَّ، فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ بَيْعًا جَدِيدًا، فَخَاصِّيَّتُهُ وَفَائِدَتُهُ التَّنْزِيلُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ: أَنَّهُ يَنْبَغِي جَرَيَانُ خِلَافٍ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ. فَفِي وَجْهٍ: يُجْعَلُ الْمُوَلَّى نَائِبًا عَنِ الْمُوَلِّي، فَتَكُونُ الزَّوَائِدُ لِلنَّائِبِ، وَلَا تَتَجَدَّدُ الشُّفْعَةُ، وَيَلْحَقُهُ الْحَطُّ. وَفِي وَجْهٍ: تُعْكَسُ هَذِهِ الْأَحْكَامُ، وَنَقُولُ: هِيَ بَيْعٌ جَدِيدٌ. وَالْمَذْهَبُ مَا سَبَقَ. وَعَلَى هَذَا، لَوْ حَطَّ الْبَعْضَ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ، لَمْ تَصِّحَ التَّوْلِيَةُ إِلَّا بِالْبَاقِي. وَلَوْ حَطَّ الْكُلَّ، لَمْ تَصِّحَ التَّوْلِيَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute