للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ

جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْأَقْوَلِ وَالتَّفْرِيعِ، جَارٍ فِيمَا إِذَا اخْتَلَفَ الْمُكْرِي وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْلِيمِ بِلَا فَرْقٍ.

فَرْعٌ

هُنَا أَمْرٌ مُهِمٌّ، وَهُوَ أَنَّ طَائِفَةً تَوَهَّمَتْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْلِيمِ، خِلَافٌ فِي أَنَّ الْبَائِعَ، هَلْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ، أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: الِابْتِدَاءُ بِالْبَائِعِ، فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَلَهُ.

وَنَازَعَ الْأَكْثَرُونَ فِيهِ، وَقَالُوا: هَذَا الْخِلَافُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا كَانَ نِزَاعُهُمَا فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَبْذُلُ مَا عَلَيْهِ، وَلَا يَخَافُ فَوْتَ مَا عِنْدَ صَاحِبِهِ. فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَبْذُلِ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَأَرَادَ حَبْسَهُ خَوْفًا مِنْ تَعَذُّرِ الثَّمَنِ، فَلَهُ ذَلِكَ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ الثَّمَنِ خَوْفًا مِنْ تَعَذُّرِ الْمَبِيعِ. وَبِهَذَا صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَالْمَاوَرْدِيُّ.

وَالْمُثْبِتُونَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالُوا: وَإِنَّمَا يَحْبِسُ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا. أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ بِهِ، لِرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ. وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقِ التَّسْلِيمُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ، فَلَا حَبْسَ أَيْضًا. وَلَوْ تَبَرَّعَ بِالتَّسْلِيمِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ إِلَى حَبْسِهِ، وَكَذَا لَوْ أَعَارَهُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ أَوْدَعَهُ إِيَّاهُ، فَلَهُ ذَلِكَ. وَلَوْ صَالَحَ مِنَ الثَّمَنِ عَلَى مَالٍ، فَلَهُ إِدَامَةُ حَبْسِهِ لِاسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ. وَلَوِ اشْتَرَى بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ شَيْئًا، وَوَفَّى نِصْفَ الثَّمَنِ عَنْ أَحَدِهِمَا، لَمْ يَلْزَمِ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ. وَلَوْ بَاعَ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ، فَإِذَا قَبَضَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا مِنَ الثَّمَنِ، لَزِمَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ، كَذَا قَالَهُ فِي «التَّهْذِيبِ» وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ وَجْهٌ فِي لُزُومِ تَسْلِيمِ النِّصْفِ مِنَ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>