وَلَا يُذَفَّفُ عَلَى جَرِيحِهِمْ، وَلَوْ أَتْلَفُوا شَيْئًا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ، لَزِمَهُمُ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الْبُغَاةِ، فَإِنَّهُمْ لَا يُضْمَنُونَ فِي قَوْلٍ ; لِأَنَّا أَسْقَطْنَا الضَّمَانَ عَنْهُمُ اسْتِمَالَةً لِقُلُوبِهِمْ إِلَى الطَّاعَةِ لِئَلَّا يُنَفِّرَهُمُ الضَّمَانُ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَلَوْ أَتْلَفُوا نَفْسًا، قَالَ الْإِمَامُ: إِنْ أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ عَلَى الْبُغَاةِ، فَأَهْلُ الذِّمَّةِ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَجِبُ، كَالضَّمَانِ، وَالثَّانِي: لَا، لِلشُّبْهَةِ الْمُقْتَرِنَةِ بِأَحْوَالِهِمْ، وَإِذَا قُلْنَا: لَا يَنْتَقِضُ الْأَمَانُ فَجَاءَنَا ذِمِّيٌّ تَائِبًا، فَفِي ضَمَانِ مَا أَتْلَفَ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَالثَّانِي: عَلَى قَوْلَيْنِ، كَالْبُغَاةِ.
فَرْعٌ
قَاتَلَ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَهْلَ الْبَغْيِ، لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّهُمْ حَارَبُوا مَنْ يَلْزَمُ الْإِمَامُ مُحَارَبَتَهُمْ.
اسْتَعَانَ الْبُغَاةُ بِمَنْ لَهُمْ أَمَانٌ إِلَى مُدَّةٍ، انْتُقِضَ أَمَانُهُمْ، فَإِنْ قَالُوا: كُنَّا مُكْرَهِينَ، وَأَقَامُوا بَيِّنَةً عَلَى الْإِكْرَاهِ فَهُمْ عَلَى الْعَهْدِ، وَإِلَّا انْتُقِضَ أَيْضًا.
فَصْلٌ
اقْتَتَلَ طَائِفَتَانِ بَاغِيَتَانِ، فَإِنْ قَدَرَ الْإِمَامُ عَلَى قَهْرِهِمَا، وَهَزَمَهُمَا، لَمْ يُعِنْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى إِلَّا إِذَا أَطَاعَتْ، فَيُعِينُهَا عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَهْرِهِمَا، ضَمَّ إِلَى نَفْسِهِ أَقْرَبَهُمَا إِلَى الْحَقِّ، وَاسْتَعَانَ بِهِمْ عَلَى الْأُخْرَى، وَإِنِ اسْتَوَيَا اجْتَهَدَ فِيهِمَا، وَلَا يُقْصَدُ بِضَمِّ الْمَضْمُومَةِ إِلَيْهِ مُعَاوَنَتُهَا، بَلْ يُقْصَدُ دَفْعُ الْأُخْرَى، فَإِنِ انْدَفَعَ شَرُّ الْأُخْرَى، لَمْ يُقَاتِلِ الْمَضْمُومَةَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْعُوَهَا إِلَى الطَّاعَةِ ; لِأَنَّهَا بِالِاسْتِعَانَةِ صَارَتْ فِي أَمَانِهِ، وَلَوْ أَمَّنَ عَادِلٌ بَاغِيًا، نَفَذَ أَمَانُهُ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا أَوِ امْرَأَةً.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute