للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِيَةُ: يَطْلُعُ الْفَجْرُ وَهُوَ مَجَامِعٌ، وَيَعْلَمُ بِالطُّلُوعِ فِي أَوَّلِهِ، فَيَنْزِعُ فِي الْحَالِ. وَالثَّالِثَةُ: أَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ بَعْدَ الطُّلُوعِ، ثُمَّ يَعْلَمُ بِهِ.

أَمَّا هَذِهِ الثَّالِثَةُ، فَلَيْسَتْ مُرَادَةً بِالنَّصِّ، بَلْ يَبْطُلُ فِيهَا الصَّوْمُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَجِيءُ فِيهَا الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَنْ أَكَلَ ظَانًّا أَنَّ الصُّبْحَ لَمْ يَطْلُعْ، فَبَانَ خِلَافُهُ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ مَكَثَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ مُكْثَهُ مَسْبُوقٌ بِبُطْلَانِ الصَّوْمِ.

وَأَمَّا الصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ، فَمُرَادَتَانِ بِالنَّصِّ، فَلَا يُبْطِلَانِ الصَّوْمَ فِيهِمَا. وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا وَجْهٌ شَاذٌّ: أَنَّهُ يَبْطُلُ.

وَأَمَّا إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَعَلِمَ بِمُجَرَّدِ الطُّلُوعِ، فَمَكَثَ، فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ قَطْعًا، وَيَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِمَا قَوْلَانِ.

وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَاسْتَدَامَ، فَهُوَ كَالْمَاكِثِ بَعْدَ الطُّلُوعِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يُعْلَمُ الْفَجْرُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِهِ، وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ؟ فَأَجَابَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بِجَوَابَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ عِلْمِيَّةٌ عَلَى التَّقْدِيرِ، وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا. وَالثَّانِي: أَنَّا تَعَبَّدْنَا بِمَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ، وَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إِلَّا ظُهُورُ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ، وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ.

فَإِذَا كَانَ الشَّخْصُ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ، فَتَرَصَّدَهُ بِحَيْثُ لَا حَائِلَ، فَهُوَ أَوَّلُ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي هُوَ الصَّحِيحُ، بَلْ إِنْكَارُ تَصَوُّرِهِ غَلَطٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ.

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.

الْأَوَّلُ: النَّقَاءُ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ الْحَائِضِ وَلَا النُّفَسَاءِ.

الثَّانِي: الْإِسْلَامُ، فَلَا يَصِحُّ صَوْمُ كَافِرٍ أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا، وَيُعْتَبَرُ الشَّرْطَانِ فِي جَمِيعِ النَّهَارِ. فَلَوْ طَرَأَ الْحَيْضُ أَوْ رِدَّةٌ، بَطَلَ صَوْمُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>