خُذْ هَذَا الْعَبْدَ بِحَقِّكَ، وَلَمْ يَكُنْ سَلَمًا، فَقَبِلَ، مَلَكَهُ. وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ وَأَخَذَهُ، دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِحُكْمِ الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ.
فَصْلٌ
لَيْسَ لِلْمُرْتَهَنِ فِي الْمَرْهُونِ إِلَّا حَقُّ الِاسْتِيثَاقِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، وَمِنَ الِانْتِفَاعِ. فَلَوْ وَطِئَ الْمَرْهُونَةَ بِغَيْرِ إِذْنِ الرَّاهِنِ، فَكَوَطْءِ غَيْرِهَا. فَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، فَلَا حَدَّ، وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ، وَالْوَلَدُ نَسِيبٌ حُرٌّ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلرَّاهِنِ. وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ذَلِكَ، وَلَمْ يَدَّعِ جَهْلًا، فَهُوَ زَانٍ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ، كَمَا لَوْ وَطِئَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمُسْتَأْجَرَةَ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ إِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً. وَإِنْ طَاوَعَتْهُ، فَلَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنِ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالتَّحْرِيمِ لَمْ يُقْبَلْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ نَشَأَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَيُقْبَلُ، لِدَفْعِ الْحَدِّ.
وَحَكَى الْمَسْعُودِيُّ فِي قَبُولِهِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَالْمَهْرِ، خِلَافًا. وَالْأَصَحُّ: ثُبُوتُ الْجَمِيعِ ; لِأَنَّ الشُّبْهَةَ كَمَا تَدْفَعُ الْحَدَّ، تُثْبِتُ النَّسَبَ وَالْحُرِّيَّةَ. وَإِذَا سَقَطَ الْحَدُّ، وَجَبَ الْمَهْرُ. وَإِنْ وَطِئَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ حَرَامٌ، لَزِمَهُ الْحَدُّ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِنِ ادَّعَى جَهْلَ التَّحْرِيمِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ فِي مَعْنَاهُ. وَأَصَحُّهُمَا: يُقْبَلُ مُطْلَقًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَخْفَى التَّحْرِيمُ مَعَ الْإِذْنِ. وَإِذَا سَقَطَ الْحَدُّ، سَقَطَ الْمَهْرُ إِنْ كَانَتْ مُطَاوَعَةً، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَى الْأَظْهَرِ، لِسُقُوطِ الْحَدِّ، وَقِيَاسًا عَلَى الْمُفَوَّضَةِ فِي النِّكَاحِ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ، لِإِذْنِ مُسْتَحِقِّهِ، فَأَشْبَهَ زِنَا الْحُرَّةِ. فَإِنْ أَوْلَدَهَا بِوَطْئِهِ، فَالْوَلَدُ لَهُ نَسِيبٌ حُرٌّ، وَتَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute