كِتَابُ حَدِّ الْقَذْفِ
الْقَذْفُ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَدُّ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْقَاذِفِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا، فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ، وَيُعَزَّرُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ الَّذِي لَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ، فَإِنْ كَانَ الْقَاذِفُ حُرًّا، فَحَدُّهُ ثَمَانُونَ جَلْدَةً، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ بَعْضُهُ حُرٌّ فَأَرْبَعُونَ جَلْدَةً، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَقْذُوفِ مُحْصَنًا، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ بَيَانُ مَا يَحْصُلُ بِهِ إِحْصَانُهُ، وَلَا يُحَدُّ الْأَبُ وَالْجَدُّ بِقَذْفِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: يُحَدُّ.
قُلْتُ: الْأُمُّ وَالْجَدَّاتُ كَالْأَبِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمَنْ وَرِثَ مِنْ أَمَّهُ حَدَّ قَذْفٍ عَلَى أَبِيهِ، سَقَطَ، وَمَنْ قَذَفَ شَخَصَا بِزَنْيَتَيْنِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّ عَلَيْهِ حَدًّا وَاحِدًا وَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحُهُ فِي اللِّعَانِ، وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا زَانِيَةُ، أَوْ لِامْرَأَةٍ: يَا زَانِي، فَقَدْ سَبَقَ فِي اللِّعَانِ أَنَّهُ قَذْفٌ، وَكَذَا لَوْ خَاطَبَ خُنْثَى بِأَحَدِ اللَّفْظَتَيْنِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: زَنَى فَرْجُكَ وَذَكَرُكَ، فَقَذْفٌ صَرِيحٌ.
وَلَوْ قَالَ: زَنَى فَرْجُكَ، أَوْ قَالَ: زَنَى ذَكَرُكَ، قَالَ صَاحِبُ «الْبَيَانِ» الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: قَذْفٌ صَرِيحٌ، وَالثَّانِي: كِنَايَةٌ، كَمَا لَوْ أَضَافَ الزِّنَا إِلَى يَدِ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ، وَصَرَائِحُ الْقَذْفِ وَكِنَايَاتُهُ سُبِقَتْ فِي اللِّعَانِ.
فَصْلٌ
قَالَ الْأَصْحَابُ: حَدُّ الْقَذْفِ وَإِنْ كَانَ حَقُّ آدَمِيٍّ، فَفِيهِ مُشَابَهَةُ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فِي مَسَائِلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute